الاثنين، 23 نوفمبر 2015

حوار مع جريدة الحقائق الجزء الثاني

يصر المفكر عبد القادر بوعرفة ان مشروع النهضة العربية مشروع سحري، وطوباوي حالم، لأنه غير مؤسس معرفيا ولا حضاريا، ذلك أن مشروع النهضة انطلق من سؤال غير مؤسس أصلا، ويقترح الدكتور بجامعة وهران للخروج من الأزمة التي يعاني منها العالم العربي والإسلامي اعتماد "مشروع الغرقد" الذي يعتبره النصر الاستراتيجي للأمة، انطلاقا من النطقة المركزية المتمثلة في نصرة القدس، عبر المرور عبر فكرة الإنسان المستقبلي .
•حاوره / محمد ابن الشاهد
 الحقائق: لماذا نجحت التيارات الاسلامية المسلحة في فرض جدول اهتمامات في المنطقة العربية في الوقت الذي عجزت فيها النخب الحداثية؟
 عبد القادر بوعرفة: أعتقد أن النخب المثقفة لا تصنع المشهد، أعنى الحضور على مسرح التاريخ، يذكرني هذا المشهد بنظرة نيتشه الذي يعتقد أن من يصنع المشهد التاريخي هو البطل الحقيقي بعيدا عن أي سلم أخلاقي. المثقف العربي الحداثي بالخصوص هو مجرد ظاهرة صوتية فحسب، أي أنه غير قادر أن يضحي في سبيل ما يعتنق أو يعتقد، بل أحيانا يجعل الفكر مجرد جسر نحو التموقع داخل عرش السلطة. بينما نلاحظ أن الجماعات المسلحة قد لا تحمل فكرا راقيا ولا تحمل فلسفة ولكنها تحمل عنصرا هاما في صناعة الأحداث وهو الحضور في قلب المشهد. هذا على مستوى الأنا، أما على مستوى الآخر (الغرب) فهو يهتم بالظاهرة المسلحة لأنها تساعده على تحقيق مصالحه في المنطقة، ولذا هو يعمل على دعمها بطرق غير مباشرة لإطالة عمرها، فالمصالح الغربية تتجسد من خلال الجماعات المسلحة أكثر مما تتجسد من خلال السياسة والديبلوماسية، لذا الغرب لا يهتم بالنخب الحداثية لأنها لا تخدم مصالحه وهو يعلم أنها بعيدة عن القاعدة الشعبية، بل العكس تماما النخب الحداثية هي التي تحاول قدر الإمكان امتصاص الغرب وتحصيل مكاسب ومصالح هناك. 
 الحقائق: ما التداعيات الكبرى للاتفاق الايراني الغربي على التحولات الجارية في المنطقة العربية؟
 عبد القادر بوعرفة: أعتقد أن الغرب يستنزف العالم العربي من خلال تهويل إيران، بل صنع البعبع الإيراني لجلب أكبر منفعة له من خلال التبعية المطلقة له، إيران بالرغم من الزخم الإعلامي لا يمكن أن تؤثر في المشهد العربي والإسلامي بشكل كبير كما تحاول أن تسوقه إيران عن نفسها وكذا خصومها، الواقع الإيراني مثقل بهموم تحملها فئة كبيرة من الشعب الإيراني، الفقر البطالة، العنصرية، القمع، ... لو فرضنا أن إيران يمكنها أن تتوسع إيديولوجيا وفق منطق تصدير الثورة الإسلامية من خلال المال (أكثر من 30 مليار دولار سنويا) فهل ستصل آخر الأمر إلى تشييع العالم الإسلامي؟؟؟ لا أعتقد ذلك بل أرى أن أقصى ما ستصل إليه إيران ما وصل إليه الاتحاد السوفياتي بعد 70 سنة من الدعوة إلى تصدير الأممية الاشتراكية.
واعتقد من جهة أخرى أن الاتفاق النووي حفز بعض الدول العربية على ضرورة الاعتماد على النفس في مواجهة ما يسمونه (الخطر الفارسي)، ونلاحظ ذلك جليا فيما تفعله دول الخليج مجتمعة، وخاصة عاصفة الحزم في اليمن.
الحقائق: كيف ساهمت ثورة تكنولوجيات الاتصال على التدوين الفلسفي في العالم العربي؟
 عبد القادر بوعرفة: أصبح التدوين الفلسفي اليوم أكثر اتساعا وحركية، بل أصبح التفلسف اليوم أكثر مقارنة مع القرن المنصرم، لكني غير متفائل، لأن جيل الفلسفة الفيسبوكية كما يسميه صديقي عمر مهيبل جيل غير فعال وغير منتج، فالتدوين هو مجرد موضة لا يشكل وعيا متقدما ولا يؤثر في الفعل، بل يبقى حبيس المدونة ذاته.
  الحقائق: لماذا تصر على ان المراهنة على العقلانية في العالم العربي مجرد وهم؟
عبد القادر بوعرفة: كل عقلانية تخفي وراء بريقها إيديولوجية ما، ذلك أن كل تيار فكري إلا ويصنف نسقه الفكر بعقلانية ما، ويضفي عليها من الكمال ما لا يوجد فيها أصلا، فالعقلانية لا تعبر عن العقل بل هي تتجه نحو الوهم النسقي أكثر منه إلى مبادئ العقل. ادعى الجابري أنه يؤسس لعقلانية عربية ثورية، وادعى حنفي أنه يؤسس لعقلانية إسلامية مفتوحة، وادعى عبد الله العروي أنه يؤسس لعقلانية مادية، وادعى طه عبد الرحمان أنه يؤسس لعلانية عرفانية ثلاثية .... وقس على ذلك .... فأي عقلانية تقترب من منطق العقلانية أصلا. ؟
 الحقائق: تطالب بالنصر الاستراتيجي في نصرة القدس ما هي ملامح هذا النصر؟
عبد القادر بوعرفة: سميته "مشروع الغرقد" وهو محاولة من أجل نصرة الأقصى في عصر التخاذل والانهزام العربي والإسلامي، تتمحور نقاط المشروع في جملة من التدابير العملية التي ينبغي على كل مسلم المساهمة فيه دون انتظار ما تفعله الدول العربية مستقبلا. واستقيت ذلك من التجربة الصهيونية ذاتها في نهاية القرن التاسع عشر، بمعنى آخر يجب أن نصيغ تجربة تشبه تجربة هرتزل في مشروعه لتوطين اليهود في أرض فلسطين، وكان سؤال المشروع لما لا نفكر مثلما فكر هرتزل؟ بمعنى أخر كيف يمكن أن نَنصر الأقصى مثلما نصر هرتزل الهَيكل؟ عندما نجري مقارنة نجد أن مشروع هرتزل بٌني على خطوات عملية وفي أغلبها بسيطة وممكنة وليس على نظريات فلسفية تحتاج إلى أمد طويل لتتحقق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق