الجمعة، 19 أبريل 2013

التاريخ والحذاء - من سندريلا إلى بوش

نشر في القادسية الجزائرية العدد 48 الصادر في20/12/2008
 أ.د عبد القادر بوعرفة
الدخول إلى التاريخ لا يحتاج في كثير من الأحيان عملا بطوليا مجيدا كما هو الحال لهنبيل أو عنترة أو خالد بن الوليد، ولا يتطلب في بعض الأحيان جهدا فكريا كما نلمسه في شخصية أفلاطون وابن رشد وهيجل، لأنه ثبت في كثير من الأحيان أن الإنسان قد يدخل التاريخ بعمل هامشي لا قيمة له. والمثال على ذلك أن رجلا في عهد المتوكل قام بفعلة نكراء أثناء الحج، تمثلت في بوله في عين ماء زمزم، فألقت القبض عليه الشرطة العباسية، وساقته إلى المتوكل الذي كان في ذلك الحول حاجا، فقال للرجل: ويحك ما دفعك أن تدنس ماء زمزم المبارك ؟؟؟ فقال له الرجل: يا أمير المؤمنين، حفظك الله ورفع مقامك، إنما أردت بذلك أن أُذكر أمد الأمدين، فليس في الدنيا ما أُذكر به، وعلمت من تجارب الناس أن منكرات الفعل لا تُنسى، ففعلت تلك النقيصة وإني أعلم أن الناس ستذكرها حتى تقوم الساعة. فضحك المتوكل: وقال أجلدوه حتى يقال: أن المتوكل جلد من بال في ماء زمزم.

إن هذه القصة لم تؤرخ لمن بال في ماء زمزم، ولكن أرخت للمتوكل، لأننا لحد الساعة لا نعرف اسم من بال على ماء زمزم ولكننا نعرف المتوكل.

وقصة حذاء الصحفي منتظر الزيدي مع المعتوه بوش، تتقاطع في جزء بسيط مع تلك القصة السابقة، فرمى الحذاء كالبول في زمزم من حيث القيمة الأخلاقية، غير أن منتظر الزيدي دخل التاريخ منا بابه العريض، لكونه أول عربي تجرأ وضرب بوش بفردتي حذائه... والفعل يحمل رمزية القدح والإهانة، فرمي الحذاء في وجه الرجل في الثقافة العربية يحمل من الدلالات ما يتسع المقام لذكرها في هذا المقال.. إن العربي تضربه بالسيف ولا ترميه بالحذاء.. فضربة السيف تحمل رمزية الشرف أما رمية الحذاء فدونها الموت ولا العار. إن رمية الحذاء في وجه الرجل تماثل رمية المنديل في وجه الرجل الغربي في عصر الفرسان.

إن بوش رمي بأطنان من القنابل على رؤوس العراقيين، فقتل الآلاف ، لكن العالم لم يتعامل إعلاميا مثلما تعامل مع فردتي الحذاء. إن الحذاء أدخل سندريلا إلى تاريخ الروايات العالمية، ففردة الحذاء أسكنتها القصور بعد الثغور، وجعلتها سعيدة هنية، لطيبة قلبها وحبها الآخر ، أما فردة منتظر الزيدي فأدخلت بوش تاريخ الأحذية لكن برمزية الشرير والشيطان والنذل والجبان ، فهنيئا لبوش بهدية الوداع وياله من وداع...؟؟؟؟

إن العربي الغيور لم يجد ما يُعبر به عن واقعه المعكوس إلا لغة الأحذية، فهو قبل أن يرميها على وجه بوش كان يقذفها في وجه كل رئيس عربي خائن أو خائر، لأن بوش استعمل لغة الحذاء فهو يدوس بحذائه على هامات ودبر زعماء العالم، فلنجعل شعارنا بعد عشرية انتفاضة الحجارة ( انتفاضة الأحذية).. ولنرمي وجوه الطغاة في كل مكان لعل وعسى أن يعيد الحذاء صُنع التاريخ بعد أن فشل الرصاص وقلم الرصاص.

ثقافة كراهية وسخافة الفرقة الناجية

أ.د. عبد القادر بوعرفة

 الخطاب المعاصر لا يُعبر بصدق عن المعنى الممارس، فالمعنى السائد يتجه نحو حصرها في شكل من أشكال التعبد الذي يحمل مشاهد الحركة الوهابية الخصوص، لكن السلفية من حيث الدلالة اللغوية والفكرية يُعبر عن كل ما يرتبط بالماضي كنزعة تريد الاستفادة منه، ومن هذا المضمار اللغوي يصبح كل إنسان بالضرورة سلفي، لأنه لا يوجد إنسان على ظهر الأرض لا يرتبط بالماضي، بمعنى استحضار سلفه في مجال وعيه التاريخي وحنينه الحيوي.

لقد عبر أفلاطون عن سلفية الإنسان في بنية نظريته المعرفية، حين اعتبر أن المعرفة هي مجرد تذكر لما كان، فالعالم الأرضي مجرد شبح وخيال لعالم أصيل هو الإيدوس. ومن خلال ما سبق، أود أن أقر بضرورة عدم إلصاق مفهوم السلفية بفئة من المتعبدين، ففي الأصل كلنا سلفيون، وللتفرقة بين الواقعين نستعمل مفهوم السلفاوية للدلالة على الحركة المتوغلة في الماضوية.

يحمل الخطاب السلفوي المعاصر ثقافة الكراهية والغل، تتجاوز حد المعقول في كثير من المواقف، وتتجه تلك النزعة صوب كراهية الأنا (ابن الملة) أو الآخر(المخالف في الملة).

لا أحد ينكر تربع الخطاب السلفوي (لا السلفي) بكل أنواعه وتياراته على عرش ثقافة الكراهية، إذ تنطلق السلفوية (لا السلفية) من كونها الفرقة الناجية، والوصية على الدين والأمة. عندئذ يصبح كل مخالف لها من المسلمين في خانة الضالين والفاسقين... ويصبح المجتمع موسوما بجاهلية القرن.

إن التقوقع داخل نسق الفرقة الناجية يجعل المنتمي هو النقي التقي، فيمثل الأنا المتعالي عن الذوات السافلة، في المقابل يخرج اللامنتمي من مفهوم (النحن) الناجي. إن مفهوم البراء (البرء) من المخالفين وهجرتهم تعتبر من أشد الخطابات السلفوية التي أشاعت ثقافة الكراهية في المجتمع الإسلامي، ودمرت بنية الذات والمجتمع والدولة.

إن التعبئة الإيديولوجية تدفع السلفوي إلى الاعتقاد أن البراء أصل من أصول الدين، وفعل تعبدي يُقرب المتبرئ من الله، فيصبح القتل بتهمة الردة والخروج عن الملة هو العرف السائد والمنهج القائم.
إن الاعتقاد السالف يقود إلى تفريغ شحنة الكراهية في أفراد الأسرة والمجتمع، فلا يُستثنى من ثقافة الكراهية الأهل والأقارب.

إن ثقافة الكراهية في الخطاب السلفوي تتصاعد تدريجيا، فبعد البراء والهجرة تأتي أخطر مرحلة من مراحل الكراهية، والمتمثلة في التكفير الذي يُوجب هدر الدم. إن ثقافة الكراهية في أدبيات وفتاوى التيارات السلفوية هي التي أشعلت فتيل الحروب الأهلية في كثير من الدول الإسلامية، وغذّت العنف المتنامي الذي حصد ما تبقى من إنسانية الإنسان في عصر الدم والموت.

ومن خلال ما سبق : هل يمكن أن نؤسس لخطاب المحبة والعفو في ثقافتنا المعاصرة بالرغم من سيطرة خطاب التكفير؟؟؟ وهل يمكن أن نحل مشاكل العالم العربي والإسلامي بثقافة الكراهية؟؟؟ وما البدائل الممكنة؟؟؟ وما الخطاب الذي يستطيع أن يحد من حدة وشدة خطاب الكراهية؟؟؟

نشرت في اسبوعية القادسية الصادرة في الجزائر العدد 51 في10/01/20

الجمعة، 12 أبريل 2013

محاضرة الأستاذ عبد القادر بوعرفة حول نظام ل.م.د

جريدة الخبر  الصادر بتاريخ 13 مارس 2013 
يواجه نظام ليسانس-ماستر-دكتوراه (أل أم دي) بالجامعات والمعاهد الجزائرية تأخرا في التطبيق مقارنة بالبلدان الأخرى حسبما استفيد اليوم الإثنين خلال يوم دراسي بجامعة السانيا بوهران خصص لهذا النظام التعليمي.  وأوضح المشاركون في هذا اللقاء الذي نظمه قسم علم النفس وعلوم التربية والأرطوفونيا بعنوان "النظام الجديد للتمدرس (أل أم دي) أسئلة الحاضر ورهانات المستقبل" في إطار الأسبوع العلمي للعلوم الاجتماعية الذي تنظمه جامعة السانيا أن تطبيق هذا النظام لا يزال يعاني من تأخر كبير بعد تسع سنوات من بداية تطبيقه بسبب عدة عوامل تشترك فيها الجامعة والأستاذ والطالب والمحيط الاقتصادي والاجتماعي.   وأرجع الأستاذ عبد القادر بوعرفة من جامعة وهران هذا التأخر إلى عدة عوائق أهمها عدم تكييف النظام التعليمي في الجامعات الجزائرية مع ما يطلبه السوق فهناك "اخلال بقانون العرض والطلب" يضيف ذات المتحدث معتبرا أن هذا النظام "كما هو مطبق حاليا لا يتماشى مع المعايير العالمية" فضلا عن عدم دراية الطلبة والأساتذة والإدارة الجامعية لهذا النظام ومبادئه الأساسية الأربعة وهي الحركية والسيولة والليونة والمقروئية.   ومبدأ الحركية هي تسهيل حركة الطلبة بين الجامعات ومحاولة إدماج المكونين في سوق العمل أما مبدأ السيولة فهو جعل الجامعة فضاء استثماريا عن طريق مجموعة من الشراكات تقيمها مع شريك خارجي (مؤسسات اقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية) فيما يرتكز مبدأ الليونة على تسهيل وتشجيع عودة الطلبة المتخرجين إلى مقاعد الجامعة من أجل تحسين وتطوير وتنويع معارفهم. أما المقروئية فتتمثل في تشجيع الطالب على ألا يكون جهاز استقبال فحسب بل يجب الدفع به إلى البحث والمعرفة و يصبح الأستاذ بذلك مجرد مساعد في البحث.  أما السيد مجاود محمد وهو رئيس اللجنة الوطنية البيداغوجية للميادين فلم ينف وجود هذا التأخر على الرغم من مرور تسع سنوات على بداية تطبيق هذا النظام داعيا إلى ضرورة إشراك الأساتذة في بناء تصور جديد لهذا النظام بغية إصلاحه. هذا التصورالجديد يجب أن يمس برامج التكوين وفق المتدخل مشددا على ضرورة انفتاح الجامعة على أوساط إقتصادية واجتماعية أخرى حسب متطلبات سوق العمل حتى يصبح التكوين أكثر فعالية ويعطي نتائج إيجابية. وفي هذا الصدد ذكر المتحدث أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي "واعية كل الوعي بانشغالات الأساتذة حول هذا النظام وبرامج تكوينه" وهي تدرس حاليا مشروع قرار من إجل إعداد وتقييم وتأهيل عروض التكوين مذكرا بأن عدد العروض التكوينية السائرة في الجامعات الجزائرية قد فاقت 7000 عرض.  وقد انصبت تدخلات الحضورعلى وجه الخصوص حول إمكانية توحيد برامج التكوين على المستوى الوطني.  وإعتبر المحاضر أن توحيد برامج التكوين غير وارد حاليا بسبب كثرة الميادين والشعب إلا أنه من الممكن توحيد بعض الوحدات التعليمية.