الاثنين، 19 أكتوبر 2015

كتاب التجربة الجمالية

كتاب التجربة الجمالية تأليف أ.د عبد القادر بوعرفة

أصدر الأستاذ عبد القادر بوعرفة كتابا جديدا عن منشورات مختبر "أبعاد" ، تناول إشكالية الوعي الجمالي في الفن الإسلامي من خلال استحضار كثير من مجالات الفن الإسلامي. وجاء في مقدتمه ما يأتي:

       يتجه الفكر في زمن سلطة العلم والتّخصص نحو جعل كل حقل من حقول الفكر علما قائما بذاته، على غرار ما حدث لعلم النّفس وعلم الاجتماع والسّياسة والاقتصاد..، حيث حاول بعض المُتخصصين في الجمال أن يجعلوه علما قائما بذاته، يشترك مع الفن في المقدمات العامة غير أنّه يتميز عنه بقواعد ومعايير ومجالات خاصة، نظرا لأن الجمال حقلٌ أكثر تخصصا من الفن، من حيث موضوعه الرئيس وقيمه المتعالية نظرا لارتباطه بالذّات كموضوع غير مفصول عن موضوعات الإدراك والذّوق.
     قد لا أكون ممن يناصرون فكرة القول (بعلم الجمال)* لأني أعتقد أن الجمال موضوع متحرر من القيود والمعايير الضّيقة، فهو كالخيول البرية التي تَجِدُ طَبِيعَتَها في التّوحش، أو في صور الطبيعية التي تحتكم لمبدأ اللاّقانون، ومن جهة أخرى، لا تحتمل طبيعةُ الجّمال التّقنينَ ضمن أطر إبستيمية أو قواعد عقلية صارمة، أو أن يحكمها منطق سكوني كمي.
      وأعتقد في هذا المجال بالذّات، بأن الجمال يفقد جماليته عندما يُصبح أسير المنهج والقاعدة العلمية، وأن معايير الحكم على موضوعاته تنفر من القيّم الجاهزة لأن القيّمة الجمالية قيمة ذوقية قبل أن تكون قيمة عقلية أو علمية. ومن ناحية أخرى، نجزم بأن العمل الفني يندرج ضمن مجال الممكن، والممكن يعطي فضاءً من الحرية للفنان، مما يجعله يطلق العنان لمخيلته وشعوره وحدسه، عندئذ لا يعترف بحدود ولا قواعد، بل يصبح الهدف هو التّعبير عن المعنى المُنْشَأ لحظة إدراكه إدراكا فنيا أو جماليا، وفق قاعدة الممكن والمُتخيل:" الاعتراف بمجال الممكن في العمل الفني يفترض كنتيجة حتمية الاعتراف بفضل المخيلة والإبداع الإنساني، وذلك ما لم يكن ممكنا في حدود بنية الثّقافة الإغريقية وفي حدود الأسلوب الذّي دشنه أفلاطون بالذّات."[1]
      يستأنس أنصار "علم الجمال"  بقول لفريديرك هيجل حين أصر على أن الجمال علم في تعريفه المشهور:" إن علم الجمال هو فلسفة الفن النبيل."،  بيد أن هيجل أكد آخر الأمر بأنه سيبقى مُجرد فن نبيل.
   قد تصبح كل الفنون والصّناعات ذات يوم علوما قائمة بذاتها إلا الجمال، لأن الإنسان في المستقبل لن يبق له إلا الجمال وبعض جيوب الفن ليمارس فيهما بعض الحرية، ويختبر بهما وجود كينونته بعد أن طغت التقنية والعقل الآداتي على كل مضامين الحياة، وأصبحت فضاءات الحرية تتقلص بشكل مطرد.
    ومما سبق، يمكن أن أنحاز إلى رأي ليندرن عندما يقول بأن الفّنَ والجمال يَشُذَا عن قاعدة القانون والعلم، فروعة الجمال أنه بدون قيد أو شرط:" القانون الأوحد للجمال أنه ليس له قانون."
     ولا نقصد من الفكرة السّابقة، عدم اتساق العمل الفني وانسجامه، بل نقصد بأن القواعد الصّارمة لا جدوى منها في المجال الجمالي، فروعة العمل تكمن في تلك العلاقة التي تنتج بين الفنان وموضوع فنه، فهو لا يُصدر أي عمل فني بناءً على قواعد ولوائح بل عن إنفعال ورغبة وإحساس. وقد أشار زكرياء إبراهيم إلى تلك المسألة في قوله:" حقا أن الفنان لا يصدر في إبداعه الفني عن بعض القواعد الصارمة المحددة، كما أنه لا ينتظر من أحد غيره أن يُملي عليه اتجاهه الفني أو أن يُعين له اللّوحة التي لا بد من رسمها، ..."[2]            
      يمكن تسمية استقلالية الفن والجمال بالفوضوية المهذّبة، فهي تنفر من القانون والضبط ولكنها تتجه نحو الالتزام بوصفه رسالة وغاية. وتحمل هذه الفوضوية المُهذبة ــ المرتبطة بالجمال كقيمة فكرية وإنسانية ــ كل الأبعاد الجمالية للجمال، وتزداد جلالا عندما يتحول التّصور الجمالي إلى ممارسة فنية، إذ أن الممارسة الفنية هي التي أكسبت الجمالَ عبر مراحل تاريخه جماليته الخَلاّبة.
   يمكن أن ننطلق من هذه النّقطة بالذّات في تحليل العمل الفني في التراث الإسلامي، فإذا كان الجمال والعمل الفني في جوهره لا يعترف بالقانون المُسّيج له، فإن الخطاب الإسلامي في شقه الفقهي سيجد في حالة تحويل الجّمال والفن إلى سياج العلوم الشّرعية صعوبة في وضع القيود والقوانين له من باب ضرورة ربط الجمال بمقاصد الشّريعة الإسلامية، لأن فعل المُخيلة تجربة فردية لا ترتبط بفقه المُعاملات إلاّ حين تصبح خارج بؤرة الذّات المُنتجة لها.
    يُعتبر الجمال عصي عن التّعريف كالخير والحق، وهو نفسه ما ذهب إليه جان برتليمي (في بحثه حول علم الجمال) حين قال: "إن نحن رجعنا إلى قدامى الفلاسفة لعلمنا أن الجميل، شأنه شأن الحّق والخّير، يعيش فوق العقل والمنطق والعمل، ولهذا فالجميل لا يقبل التّعريف والجمال يُفهم من خلال الأشياء الجميلة."[3]
    يُصبح الجمال عندئذ عصي عن التّعريف لكونه مرتبط بالنّفس الشّاعرة، ولا يمكن أن يكون مُدْرَكًا وجليًا إلا من خلال غيره من الصّنائع، ومن ثمة لم يُدرجه المُصنفون في الإسلام ضمن العلوم، ولم يُحْصَ كعلم مستقل بذاته بل اعْتُبِرَ صناعة حاذقة بارعة للغاية.
      أَوَّدُ بادئ ذي بدء أن أنبه إلى مسألة بالغة الأهمية، تكمن في التّطابق الحاصل بين مفهوم الجمال والفن، فالفن ليس هو الجمال بل هو متضمن فيه، لكونه أشمل منه في المفهوم، لكن الجمال هو فن بالضرورة، ولهذا نتفق مع ما قاله الشّامي:" يُعدُّ الفن واحدا من المجالات التي يسيطر الجمال عليها، ويظهر من خلالها، ولكن الفن ليس هو الجمال، إذ قد يوجد الفن ولا يوجد الجمال فيه."[4]
   يعتقد جورج سانتيانا بأن أفضل اتفاق نصل إليه حول ماهية الجمال هو القول بأن  الجمال في صورته التي نتعارف عليها اليّوم هو الإحساس بالجمال كموضوع وقيمة وأثر، وعليه يجب أن نُخفف من حدة هاجس تعريف الجمال كموضوع محدد.[5]
     ويبدو جليا من خلال هذا المدخل أن مفهومَ الفن متشعب ومتنوع، ويفرض علينا المقال مساءلة المفهوم من حيث حمولته اللّغوية والإصطلاحية والفلسفية، إنطلاقا من القاعدة الإبستيمية التي تقول بأن الحوّار المُثمر يتأسس أول الأمر على أرضية تحديد المُصطلحات وتقريب المفاهيم.


* - أول من أصطلح على مفهوم "علم الجمال" هو المفكر الألماني الإسكندري بومجارتن ( 1714 – 1762)، وقد حدد رؤيته في الثلاثية المشهورة :
- الجمال = المعرفة الحسية.
- الحق = المعرفة العقلية.
- الخير = القدرة الإرادية.

[1] - حمادي حميد وآخرون، سؤال المعنى، دار الغرب للنشر والتوزيع، وهران (الجزائر)، ط 1، 2005، ص 10.
[2] - زكرياء، إبراهيم، فلسفة الفن في الفكر المعاصر، مكتبة مصر، القاهرة، 1966، ص 282.
[3] - نقلا: صالح، أحمد الشامي، الظاهرة الجمالية في الإسلام، دار الكتاب الإسلامي، بيروت، ط1، 1986، ص23.
[4] - المرجع السابق، ص24.
[5] - سانتا، جورج، الإحساس بالجمال، تر: محمد مصطى بدوي، هيئة الكتاب، القاهرة، ط 1، 1200 ، ص 51.

الأحد، 18 أكتوبر 2015

أصول الخميني

كشفت صحف بريطانية عن اسم الخميني الرسمي وهو ” ﺭﻭﺯبة ﺑﺴﻨﺪﻳﺪﺓ ” والده من جنوب الهند من السيخ وأمه ﺑﻨﺖ ﺍﺣﺪ ﻛﺒﺎﺭ كهنة معبد ﺍﻟﺴﻴﺦ في كشمير.
هاجر والد الخميني إلى بلدة خمين وكان فقيرا فنزل بجوار معمم ينتسب للموسوية وكان يشاهد الناس الفقراء وهم يقدمون القرابين للسيد رغم فقرهم فتنبه.
رأى والد الخميني الناس وهم يقدمون القرابين للمعمم رغم فقرهم فترك ديانة السيخ واعتنق ديانة الشيعة وظل يخدم المعمم ويسترزق منه حتى مات المعمم.
والد الخميني الهندي قبل ان يتحول من السيخية الى دين الشيعة كان اسمه سينكا وسمى نفسه أحمد خادم الموسوي ” أي خادم المعمم الموسوي “.
شقيق الخميني أصر على اسم عائلته واسمه آية الله مرتضى بسنديدة ابن سينكا والخميني غير اسمه لاسم المعمم الذي كانوا يخدمونه وسمى نفسه الموسوي.
في بداية حياة الخميني كان يكتب بخط يده في كتبه ورسائله بأنه هندي وكان يذيل اسمه بالهندي ثم تغير فجأة إلى موسوي وسيد وغير العمامة لسوداء.
رفض شقيق الخميني أن يغير اسمه من عائلة سينكا إلى موسوي ورفض تغيير عمامته إلى سوداء فحبسه الخميني ومنعه من الظهور أمام الناس حتى قُتِلَ.
أول هندي من ديانة السيخ يحكم إيران بالحديد والنار ويستعبد الشيعة ويأخذ أموالهم ويتمتع بنسائهم “هو الخميني ابن سينكا الهندي شقيق بسنديدة”.
لازال كثير من الشيعة لحد الآن يظنون أن الخميني فعلا من آل البيت بسبب الحملة الدعائية التي حاول الخميني عبرها أن يظهر للشيعة كسيد بعمامة سوداء!.
وضع الخميني شعار أجداده السيخ وسط العلم الإيراني كرمز لأصوله وأوهم أتباعه بأن هذاالشعار هو لفظ الجلالة .
والد الخميني بعد اعتناق دين الشيعة اشتغل بعمل الحروز والسحر بالإضافة لتعاونه كمخبر مع بريطانيا وكان شديد الذكاء وشديد الولاء لعمله مع المستعمر.
كافأت بريطانيا والد الخميني “سينكا” بوظيفة في قصر شاه إيران كسايس خيل وفي يوم من الأيام غضب منه رضا بهلوي غضباً شديدا فقتل والد الخميني هرب الخميني من ايران بعد مقتل والده الى العراق وخطط للثأر من رضا بهلوي وحينها تلقفته المخابرات الأمريكية والفرنسية واستضافوه في فرنسا.
بدأ شاه ايران يهدد مصالح المستعمر البريطاني وشركات النفط الأمريكية في ايران فقرروا تغييره ووجدوا الخميني صاحب ثأر فقرروا أن يجعلوا منه بطلا.
كتبة الكاتب .. اية الله خواجة نصير فى كتابة ” مالك ملك كيان ” بلغة الفارسية.


الأربعاء، 14 أكتوبر 2015

سراج الملوك الطرطوشي

سراج الملوك الطرطوشي

الكتاب الذي سارت في فلكه مقدمة ابن خلدون، فخفت نوره وأفلت بدوره. وقد وصلنا الكثير من نسخه، أهمها: مخطوطة مكتبة فيينا، المكتوبة في (القرن 7هـ) وكانت مما حمله إلى فيينا (هامر بورغشتال) (ت1856م): ممثل إمبراطور النمسا في اسطنبول. وقد تُرجم الكتاب إلى عدة لغات أوروبية، منها إلى الأسبانية بعناية (ماكسمليان آلاركون) سنة 1930م. وترجمه إلى الفارسية محمد صدر الدين سنة 1036هـ. وطبع لأول مرة في الاسكندرية سنة 1289هـ وقد جاء في هذه الطبعة أنه فرغ منه في مصر يوم 10/ رجب/ 510هـ وهو خلاف المشهور. قال ابن خلدون في مقدمته: (وكذلك حوم أبو بكر الطرطوشي في كتابه سراج الملوك، وبوّبه على أبواب تقرب من أبواب كتابنا هذا ومسائله، ولكنه لم يصادف فيه الرميّة، ولا أصاب الشاكلة، ولا استوفى المسائل ولا أوضح الأدلة، وإنما يبوب للمسألة ثم يستكثر من الأحاديث والآثار، وينقل كلمات متفرقة لحكماء الفرس وغيرهم...وكأنه حوّم على الغرض ولم يصادفه...ونحن ألهمنا الله ذلك إلهاماً...إلخ) ويبدو أن كلمة ابن خلدون هذه كانت السبب في طباعة المقدمة سنة 1894م وعلى هامشها (سراج الملوك)، ولتفسير هذه الكلمة نقول: إن ابن خلدون ألف مقدمته المشهورة أول مرة لتكون كتاباً في تدبير الملك، وذلك في مدة خمسة أشهر من انقطاعه في قلعة ابن سلامة، حيث انقطع فيها أربعة أعوام متخلياً عن الشواغل كلها، من شوال 776هـ إلى رجب 780 قبل هجرته إلى مصر. قال: ثم نقحته بعد ذلك وهذبته، وألحقت به تواريخ الأمم. فوقع في المقدمة من هذه الزيادات ما تضاءلت به صلتها بسراج الملوك. ألف الطرطوشي كتابه للمأمون البطائحي: الوزير الفاطمي (المصلوب يوم 4/ رمضان/ 519هـ) الذي دبر اغتيال الوزير ابن بدر الجمالي، الملقب بالملك الأفضل شاهنشاه، يوم (23/ رمضان/ 515) وأطلق الطرطوشي من الإقامة الجبرية التي ألزمه بها الجمالي في مسجد الرصد جنوبي الفسطاط، سنة 515هـ بسبب فتواه بتحريم الجبنة المستوردة من بلاد الروم. وقضى في تأليف الكتاب سنة كاملة، وحمله إلى البطائحي في شوال 516هـ، وأودع فيه بعض مشاهداته أثناء رحلته إلى الشرق، قبل هجرته إلى الاسكندرية، التي احتل فيها منزلة كبيرة، عبّر عنها ياقوت بقوله: (ناشر العلم بالاسكندرية، وعليه تفقه أهلها). ومن مدرسته في الاسكندرية تخرج ابن تومرت وعمره (18) سنة. ومن نوادره فيه: وصفه ترتيب الجيش عند اللقاء، وحديثه عن حكيم السند: (ساناق)، وهو المذكور في رسائل (نهرو) باسم (جانكيه)، كان حياً ما بين (321- 295ق.م). 

الجمعة، 2 أكتوبر 2015

الإمامة والسياسة للماوردي

الإمامة والسياسة للماوردي
 كتاب تناول جميع جوانب الحكم في الدولة، وموقف الخلافة في ظل استبداد الدول المتغلبة عليها، سواء كان ذلك بالاستيلاء أو التفويض. ألفه أبو الحسن الماوردي البصري الملقب بأقضى القضاة المتوفى يوم الثلاثاء 30/ ربيع الأول/ 450هـ 1058م) وهي السنة التي انهارت فيها دولة بني بويه، وكان الماوردي رأس الدهاة الذين عملوا سرا على دعوة السلطان السلجوقي طغرل بك، لاستئصال دولة بني بويه. وكان تأليفه للكتاب في أوج غلبة دولتهم على الخلافة الإسلامية ببغداد. وأحدث بكتابه هزة في أوساط الشافعية =وهو أحد كبرائهم وأئمتهم= بسبب ما انفرد به من تجويزه أن يتولى الذمي وزارة التنفيذ. وهي الفقرة التي وقف عندها السبكي في (الطبقات) فقال: (قال في الأحكام السلطانية: يجوز أن يكون وزير التنفيذ ذميا بخلاف وزير التفويض وفرق بأن وزير التفويض يولي ويعزل ويباشر الحكم ويسير الجيش ويتصرف في بيت المال بخلاف وزير التنفيذ) وانظر في ذلك (د. محمد سليمان داود: الإمام أبو الحسن الماوردي (ص 109) وفيه ينقل عن كتاب (غياث الأمم) لأبي المعالي الجويني =وهو معاصر للماوردي= قوله: (ذكر مصنف الكتاب المترجم بالأحكام السلطانية أن صاحب هذا المنصب =أي الوزارة= يجوز أن يكون ذميا، وهي عثرة ليس لها مقيل، مشعرة بخلو صاحب الكتاب عن التحصيل...إلخ) ونقل عن أبي سالم النصيبي (ت 652هـ) قوله في كتابه (العقد الفريد للملك السعيد): (اختلفت آراء الأئمة في أن يكون وزير التنفيذ من أهل الذمة، فذهب عالم العراق الإمام أبو الحسن الماوردي إلى جوازه، وذهب عالم خراسان، إمام الحرمين أبو المعالي الجويني إلى منعه، وعدم تجوزه، وذلك من عالم العراق عثرة لن تقال). وصلتنا نسخ كثيرة من كتاب (الأحكام السلطانية) وطبع أيضا طبعات كثيرة أولها في ألمانيا عام (1853) بعناية المستشرق إنجر. مع ترجمته إلى الألمانية. وطبع مترجما إلى الفرنسية في الجزائر (1915م) بعناية المستشرق الفرنسي (أفاجتان) وطبع مترجما إلى الإنجليزية في لندن (1947م) بعناية (هوتنج) وله غير ذلك من الترجمات إلى اللغات الأوروبية. وفي مقدمته قوله: (ولما كانت الأحكام بولاة الأمور أحق، وكان امتزاجهم بجميع الأحكام يقطعهم عن تصفحها مع تشاغلهم بالسياسة والتدبير، أفردت لها كتابا امتثلت فيه أمر من التزمت طاعته، ليعلم مذاهب الفقهاء فيما له منها فيستوفيه، وما عليه منها فيوفيه، توخيا للعدل في تنفيذه وقضائه، وتحريا للنصفة في أخذه وعطائه) ويفهم من هذه الكلمات أنه أول من جمع شتات الأحكام السلطانية في كتاب. ويرى الأستاذ عزيز العظمة، في كتابه (المنتخب من مدونات التراث: الماوردي ص15) أن الماوردي في كتابه هذا يبدي لنا على صورة بينة أن فقهاء الإسلام، عندما كان الفقه نظاما قانونيا جاريا وملائما =وهو ليس كذلك اليوم= لم يسارعوا إلى القطع، ولم يروا في الفقه لائحة قوانين حصرية، بل وجدوا فيه سوابق وإمكانيات مشروعة، تؤدي إلى الحكم بما يلائم الحال) ووقف عند قول الماوردي: (ليس إذا وقع الإخلال بقاعدة سقط حكمها) قال: وكثيرا ما يستشهد على هذا بإمارة الاستيلاء على الخلافة، التي أقامها الأمراء البويهيون). وكان المرحوم طه حسين من أوائل من نبه إلى إكثار ابن خلدون من الاعتماد على الماوردي في مباحث الخلافة والوزارة. انظر في ذلك (د.صلاح الدين بسيوني رسلان: الفكر السياسي عند الماوردي) (ص 53). و(د. طه حسين: فلسفة ابن خلدون الاجتماعية: ترجمة عنان ص 127). ويعود الفضل للمستشرق الألماني إنجر في التنويه بقيمة الكتاب في أوروبا في نشرته المذكورة آنفا. وتعاقب من بعده على دراسة الكتاب مستشرقون كثر، يطول الحديث عنهم وعن أعمالهم في الكتاب. انظر في ذلك (د. أحمد مبارك البغدادي: الفكر السياسي عند أبي الحسن الماوردي ص 107 - 112). ومما نقله قول بروكلمان في (دائرة المعارف) في وصف الكتاب بأنه (عرض مثالي محض، وشرح وصفي للأحوال السياسية السائدة في عصر الماوردي). قال: وذهب المستشرق الألماني (فون غرنيبوم) إلى أن الماوردي (اقتصر فيه على وصف الواقع دون تفاعل معه ، على الرغم من مشاركته السياسية الواسعة في أحداث المجتمع). أما الأمريكي (مالكلوم كير) فإنه أنكر القيمة العملية التي تضمنها الكتاب، ورأى أنه جاء خاليا من أي برنامج عملي لإصلاح الواقع. وذهب (هاملتون جيب) إلى أنه ليس نظرية سياسية مستقلة بقدر ما هو دفاع عن الوضع السياسي الراهن لعصره، ومع ذلك فهو يؤيد المستشرق روزنثال الذي يرى أن الفضل يعود إلى الماوردي في تأسيس نظرية الضرورة في الواقع السياسي، والتي تبناها من بعده كل من الغزالي وابن جماعة، عندما استخدما نفس النظرية لتبرير الاستيلاء على الإمارة أو ما يعرف في الفكر الإسلامي بولاية المتغلب. ويضيف جيب بأن الماوردي وضع في كتابه هذا منهجا عمليا لكيفية استمرارية الخلافة وتبرير واقعها الذي آلت إليه تحت يد البويهيين دون أن يؤدي ذلك إلى زوال شرعية الخلافة، كما أنه وضع التبرير الشرعي لقيام إمارة الاستيلاء التي تجاهلها كثير من الفقهاء الذين كتبوا في الإمامة قبل الماوردي. وذهب إلى أن الماوردي يشارك في كتابه هذا النظرية الأشعرية في اثنين من أهم خصائصها وهي: الإسراف في التفريع الجدلي، وصوغ النتائج بكثير من التعسف. (د. أحمد مبارك البغدادي: الفكر السياسي عند أبي الحسن الماوردي ص 107 - 112). وانظر في مقدمة نشرة خالد العلمي للكتاب (دار الكتاب العربي: بيروت 1410هـ 1990م) (ص9) مقارنة قيمة لكتاب الماوردي وكتاب (الأحكام السلطانية) لمعاصره القاضي أبي يعلى الحنبلي الفراء (ت 458هـ) وفيها قوله: (قل أن تجد فصلا واحدا لم يتشابه الكتابان فيه، حتى ليخيل إليك أنهما نسختان لمؤلف واحد... ومن العجيب أننا نجد مواطن الاقتباس واحدة غالبا وبنفس العبارات، فنجد الماوردي يقول في كتابه: قال أبو عبيد، فيقول أبو يعلى في نفس الموضع: قال أبو عبيد.. ويختلف الكتابان في أن الماوردي يذكر رأي الشافعية ومن خالفهم من الحنفية والمالكية، ثم ينتصر لمذهبه غالبا، بينما يكتفي أبو يعلى بذكر الآراء في مذهب الإمام أحمد ابن حنبل... وبينما يكثر الماوردي من الاستدلال بالشعر، فإننا لا نعثر في كتاب أبي يعلى على بيت واحد). وانظر في ذلك (د. محمد سليمان داود: الإمام أبو الحسن الماوردي (ص 109) ويرى المرحوم أبو عمر: حنا ميخائيل (ت 1976م) في كتابه (السياسة والوحي: والماوردي وما بعده ص142) أن أبا يعلى وضع كتابه ردا على تجاهل الماوردي الحنابلة. قال: ويكاد يكون نسخة مطابقة لكتاب الماوردي. ثم أورد ميخائيل معلومات مهمة عمن رجع من القدماء إلى كتاب الماوردي، ومنهم: ابن نصر الشيزري في كتابه الذي ألفه عن السياسة بطلب من صلاح الدين، وابن جماعة في كتابه (تحرير الأحكام) والنويري في (نهاية الأرب) وابن الإخوة في كتابه المؤلف في الحسبة، والقلقشندي في الفصل الذي دعا فيه أرباب المناصب إلى معرفة متطلبات الشريعة فيما يتعلق بمختلف المناصب الحكومية، حيث يشير إلى كتاب الماوردي بأنه ينطوي على كلمة الفصل في الموضوع. وطاشكبري زاده في بحثه عن إدارة الجيش، حيث يقول: إنه لا شيء تمكن إضافته على كتاب الماوردي في الموضوع. وانظر في كتاب الماوردي على الوراق الفصل الذي أوله: (والوزارة على ضربين: وزارة تفويض ووزارة تنفيذ). والفصل الذي أوله: (وأما نقص التصرف فضربان: حجر وقهر) والفصل الذي أوله: (وأما إمارة الاستيلاء التي تعقد عن اضطرار...إلخ). وانظر طائفة من النوادر المتعلقة بالماوردي في زاوية التعليق على الكتاب.