الأحد، 19 أبريل 2020

صناعة العدو


يحتاج الغرب دوما إلى عدو، في القرن المنصرم كانت الشيوعية، وفي بداية الألفية الثالثة كان الإسلام، وفي الألفية القادمة ستكون الكنفوشسية.
حكام العرب أيضا يحتاجون إلى غطاء يُبرر بقاءهم في الحكم، وكل من الغرب وحكام العرب استعملوا الإرهاب (الإسلام) لخدمة مصالحهم، لكن الغريب أن يقع الحمقى في شرائكهم ويمارسون الإرهاب نيابة عنهم. 
كان بالإمكان أن تتحول البوذية والبرهماتية إلى عدو .... لكن فقط هناك ترتيبات وفق منطق المصالح لا غير.... وسنرى بعد ربع قرن كيف ستكون الكنفوشسية عدوة الغرب ... خاصة بعد أن استنفذ الغرب ثروات العرب ....

الأربعاء، 15 أبريل 2020

المُثّقف الكذّاب أومفارقة كريت Le paradoxe du Crétois






المُثّقف الكذّاب أومفارقة كريت Le paradoxe du Crétois))
 اتصل بي رجل فاضل، ملم بالفلسفة وفنونها، والشريعة وأصولها، وقال لي: سمعت أنك كتبت عما قاله بوكروح، ويا ليتك انطلقت من " مفارقة الرجل الكاذب" (Paradoxe du menteur) في المنطق أو التي تُعرف بمفارقة رجل كريت.
    والحق أن ما قاله الفاضل هو عين الصواب، فما يحدث حاليا من هرج ومرج، ومن تغنج وتبجح، لا يخرج عن دائرة " مفارقة كريت" أو "مفارقة ايبمينديس Épiménide "، والتي سماه المسلمون بالجذر الأصم، أي الكلام الذي يبقى يدور في دائرة مفرغة، والحاصل أنه كلام لا خير فيه، لأن نتيجته في كل الأحول هي لا نتيجة.
    تنسب مفارقة كريت لأحَد سكانها، الّذي يُعتَبَرُ فيلسوفا خاصًّا بِهِم، والذي قال: "إنّ أهلَ كِريتَ دائِمًا كَذّابونَ، وُحوشٌ لا يَرحَمونَ، كَسالى شَرِهونَ".
  فلو أخذنا هذه القضية كقضية منطقية باعتبارها خبرا يحتمل الصدق والكذب، فإن العاقل سيضع احتمالين لحكم الرجل:
 الأول: أن حكمه على أهل كريت "صحيح"، وهذا معناه أن كلام الرجل سيكون كذباً لأنه قال إن ما سيقوله كذب.
 الثاني: إذا اعتبرنا حُكمه "كذب"، فمعناه أنه صادق في كلامه؛ أي أن فلاسفة كريت وهو منهم كذابون، وعليه كل ما يقولونه كذب.
وهذا سيعيدنا للاحتمال الأول، وبذلك سندخل في حلقة ليس لها مخارج ولا نتائج إلا نتيجة واحدة وهي أن الرجل في كل الحالات كذّاب.
   والسيد بوكروح ذاته وقع له ما وقع فيه مُتَفلسف كريت، حيث قال: "المسلمون متخلفون." وفي مقولة سابقة عن هذه أنهم: " غَاشي وخِرفان."
وعليه فإن لقوله منحنين:
الأول: أنه صائب في كلامه، أي أن كلَ المُسلمين مُتخلفين وهو منهم، فهو متخلفٌ بالضرورة.

   كل مسلم متخلف (ق ك)

   بوكروح مسلم     (ق ص) =      بوكروح متخلف   (ن)  
الثاني: أنه غير صائب في حكمه، باعتبار أنه مناقض للحكم ذاته وهوية نفسه.
 كل مسلم متخلف
بوكروح غير متخلف   = بوكروح غير مسلم.

     نحن في هذا المقام لا ننفي صفة التخلف عن العالم الإسلامي، بل نقر ونؤكد بأن التخلفَ موجود في كثير من الأصعدة، وأن الخروجَ من بوتقته يحتاج إلى ثورة عارمة تعيد ترتيب وتفعيل أطراف معادلة الحضارة، التي وضع لبنتها النظرية المفكر مالك بن نبي: الحضارة = الإنسان+ التراب + الوقت.
      نؤمن بأن الاجتهادَ واجبٌ شرعا وعقلا، شريطة أن يكون صاحبه صادق القصد، بعيد النظر، محيط بالأمر جملة وتفصيلا، غير متحامل ولا كذّاب لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ.﴾ سورة النحل (116).   
    إن الخوض في الفروع؛ وفروع الفروع؛ وترك الأصول والمبادئ العامة والمقاصد لا يفيد في عملية تجديد الفكر الإسلامي (دون حصره في الفكر الديني)، فالإسلام كل متكامل، وينبغي أن يكون التجديد في كل مكوناته دون استثناء.
  أد/ عبد القادر بوعرفة