الأربعاء، 16 يوليو 2014

وإذا غزة العزة سئلت بأي ذنب تُركت

وإذا غزة العزة سئلت بأي ذنب وئدت
      انتابني شعور مخزي وغريب، وأنا أتابع نشرات الأخبار العالمية، حتى فكرت من شدة الصدمة أن أتنصل من عروبتي وأقتل في ذاتي كل أمشاج الماضي، ليست لحظة ضعف بل هي لحظة وعي بالخزي والعار .    
    إن الموت التاريخي يبدأ عندما  ينشط في أعماق الرجل صوت التنصل  من الأصل والعرق، وأن يتمنى أن لا يكون عربيا في عصر لم يعد للعروبة معنى يذكر. لقد وصل الجرح إلى نقى العظم، ولم يعد مجدي في اعتقادي إيقاظ همم العرب، ولا مخاطبة ضمير الغرب ، ولا مناشدة إخوة الملة .. لقد تحولنا إلى كتل لحمية متحركة في زمن الانكسار والانحسار والحصار، وكل يوم نرى مناهل الكرامة والعزة تتهاوى الواحدة تلو الأخرى بالأمس سقطت بغداد، واليوم غزة العزة ... والتي أعلنت بعد الدمار والحصار أن العزة العربية دفنها حكام العرب في رمال الخديعة والمكر، وأن العمامة والكوفية العربية أصبحت نتنة بفعل رائحة البول، فحمى المسلمون بالت عليها القرود بعد اليهود، واستوطنها العلوج وأبناء السفاح والعهر.
    لا يسقط شهداء غزة بضربات الصهاينة بل بقرارات أبناء العمومة، والقرار لم يُتخذ في تل أفيف بل في القاهرة وعواصم آخري..، والإعداد تم في الخليج البهيج، والصمت في المغرب الكبير .. فتفرقت دماء أهل غزة بين قبائل العرب.. هكذا ذات يوم فكر أبو جهل في القضاء على الدعوة المحمدية .. وهكذا يفكر أبناء أبو جهل في عصرنا... فغزة آخر القلاع الإباء العربي والإسلامي، وبقائها صامدة رغم الجوع والقهر وصمة عار تاريخية لكل جالس على عرش السلطة.
       قال جمال الأفغاني ذات يوم لأهل الهند، يكفي أن يتفل كل هندي منكم تفله واحدة حتى يغرق الإنجليز في يم لعابكم . ونقول اليوم للمسلمين وقد بلغ تعدادهم ما يقارب مليار ونصف، يكفي إخوتي أن يرفع كل مسلم حذاءه في وجه من يحول دون نصرة غزة .. ليتحول العالم الإسلامي إلى مركز رفض وقوة .. يكفي قول لالالا... يكفي قول لبيك غزة لبيك غزة .... يكفى أن يُقدم كل مسلم دولارا واحدا لصالح سكان غزة ... يكفى أن يحلم الواحد منا وهو يحمل رشاشا ويحارب بني صهيون، وذلك أضعف درجات الإيمان وآخر نقطة من ماء النخوة العربية.
  لكن نرفض أن يمر الأمر بدون حدث، نرفض أن يموت أهل غزة بأموالنا ونفطنا ... نرفض أن يموت أهل غزة بقرارنا ... نرفض أن تسقط غزة بصمت النخب وسكوت الشعوب.
    لا نلوم اليهود ولا نعاتبهم، لأن التاريخ يصنعها الأقوياء، لقد عملوا وفكروا، وجَدُوا فوجدوا ووُجِدُوا، ومن حق كل يهودي أن يحلم بأن يكون قويا وصانعا للتاريخ ... إنما اللوم يقع علينا نحن العرب، لم نعمل فلن نجد ولم نوجد.
    وقد قالها الشافعي مذ أمد بعيد:
          نعيب ذا الزّمان والعيب فينا وما للزّمان عيب سوانا
           

                          أ.د. عبد القادر بوعرفة