الجمعة، 26 أبريل 2019

سؤال النهضة في الفكر العربي المعاصر

نشر بالجزيرة        أد/ عبد القادر بوعرفة

يعود مصطلح النّهضة إلى العصر الحديث، وهذا التّحديد يضع سؤال النّهضة ضمن بلازما ثقافة خاصة، ونقصد انتمائه إلى ثقافة غربية لصيقة بالموروث الكنسي والمعطى التنويري من ناحية أخرى، مما يجعل تلك الثّقافة في تلك الحقبة من الزّمان تسودها قيَّمُ الثّورة على الموروث وطبيعة التّفكير، والتّمرد على كافة أشكال الاستبداد والطغيان. كان سؤال النّهضة في الغرب مشروعا نظرا للانحطاط والتّخلف الذي عاشته أوروبا منذ سقوط الرومان على حسب المفكر مونتسكيو، حيث أثمر سُؤال النّهضة عن ميلاد مشروع تّنويري نهضوي، أخرج أوروبا من سباتها الحضاري وأدخلها حقل التّاريخ بقوة، ولم يكن فلاسفة التنوير أنفسهم يحلمون به.
   
يفرض فهم السؤال السّالف في سياقاته الحضارية اعتبار النّهضة مجرد مرحلة من مراحل تطور الإنسان، حتى لا تتحول هي ذاتها إلى ما ضد النّهضة، كما يجب التأكيد أن الانبهار العالمي بالنّهضة الغربية ألبسها في كثير من الأحيان حُللاً أسطورية، وربطها بانتصار العقل على مخلفات الفكر الديني، بيد أن الدّارس لتاريخ النّهضة الأوروبية يكتشف أن من أدخل أوروبا إلى عالم النّهضة هو عصر المغامرة أولاً ثم أنوار العقل ثانيا، ونقصد أن الاكتشافات الجغرافية التي حدثت في القرن السّادس عشر بالخصوص من طرف البحارة البرتغاليين والإسبان هي التي فتحت عيون الغرب على العالم الكبير، إذ جعلت الاقتصاد الأوروبي يعرف ثورة عارمة.
   
يعكس مصطلح " النّهضةّ" قصدية إرادية تتعلق بمقاصد الحضارة، وهو فعل يعبر عن وعي متقدم يحاول صاحبه تجاوز حالة أو أزمة ما كالنّكوص أو الأفول أو الانحطاط
وأعتقد شخصيا أن الرّجال الذين صنعوا النّهضة الغربية هم أولئك الرجال الذين سلكوا غمار البحار أمثال كريستوف ومجلان وفاسكو ديغاما وماركو بولو وأمريكو فيسبوتشي ...، أما الفلاسفة الذين يُنسب لهم دوما الفضل في ترسيخ قواعد التّنوير وتأسيس عصر الأنوار ما كانوا ليكونوا لولا تلك النتائج العظيمة لتلك المغامرة التّاريخية التي قام بها أولئك الرجال. كانت النّهضة الإسلامية الأولى ذاتها بفعل الفتوحات الإسلامية الكبرى، فلولا الفتوحات ما كنا لنرى المُتكلمة ولا الفلاسفة ولا المُتصوفة، فالمغامرة هي التي أخرجت العرب من القوقعة الصحراوية الممتدة في سَراب الفلاة إلى المَدَنِية والعِمْران المرتبطان بشاهدية الإنسان وعالميته. وفي المقام نفسه، أعتبر أن الفكر الإصلاحي كان أكثر اقترابا من حركة التنوير بفعل الزمن، وكانت الدّعوة إلى التّنوير والتثوير أعمق مما هي عليه اليّوم، فنحن في كثير من المسائل نستحضر الطهطاوي وحمدان خوجة لنبرر الثّورة على الموروث العقيم والدّعوة للأخذ من الغرب.

يعود الغرب اليوم مجددا للثّوة على هيمنة البراديغم، فسؤال الحداثة هو ثورة على مخلفات نتائج النّهضة ذاتها، لم يعد سُؤال النّهضة في الغرب اليّوم يُثير ذلك الانبهار الذي أحدثه زمن عصر الأنوار، بل كثير من الفلاسفة اليّوم ينتقدون فلسفة التّنوير في بعدها الوجودي والميتافيزيقي، لقد خلقت في أذهان مثقفيها آلهة جديدة كالعقل والعلم، وأفسدت علاقة الإنسان مع الطبيعة حيث ربطتها بقضية الصراع. واليوم، بعد مرور أكثر من أربعة قرون يطرح الغرب سؤال الحداثة وما بعد الحداثة، فكيف نطرح في المُقابل سؤال النّهضة؟  ألا يعكس أننا نقر للغرب بأنه متقدم علينا بأربعة قرون؟ وما الغاية أن نعيد طرح مشروع النهضة ونحن في الألفية الثالثة؟

1- تدل لفظة "المشروع" في المتن الفلسفي على استراتيجية مبنية على أسس معرفية وسياسية، فالمشروع هو نزعة بنائية إحيائية ترنو نحو تحقيق تقدم وانتقال من حالة غير مرغوب فيها إلى حالة أفضل، وعليه يعكس المشروع دوما ارتباط الإرادة السياسية بالإرادة العلمية، فالنّهضة كمشروع لا يمكن أن يتجسد إلا إذا جَسد السّياسي ما يفرضه العقل والنظر.

2- يعكس مصطلح " النّهضةّ" قصدية إرادية تتعلق بمقاصد الحضارة، وهو فعل يعبر عن وعي متقدم يحاول صاحبه تجاوز حالة أو أزمة ما كالنّكوص أو الأفول أو الانحطاط. والنّهضة ليست تنميةً ولا تطويرا ولا تَقَدُماً بل هي ثورةٌ شاملةٌ.

3- يُراد بالمشروع النّهضوي جملةً هو تحقيق القطيعة مع ظاهرة أفول أو سقوط الأمة أو الجماعة، ويتجسد ذلك من خلال وضع رؤية متكاملة مُسيجة بأسئلة ثورية لا بأسئلة تبريرية، ونقصد أن الأسئلة الثورية هي التي تُطرح على صيغة كيف ولما وبما..... بينما الأسئلة التّنفيرية التبريرية هي التي تأتي على شاكلة لماذا تأخرنا وتقدم غيرنا؟

4- لم يعرف التّاريخ الثقافي في الفكر الإسلامي عبر مساره التّاريخي مشروعا نهضويا مؤسسا على وعي فلسفي بل جل ما قُدم هو أقرب إلى ما يُسمى "هاجس نهضة" أو "حلم نهضة" عُبر عنه في قوالب هي أشبه ما تكون بالخواطر أو الرُؤى نصطلح على تسميتها بمقولات في النّهضة. لقد فشلت الإنتليجنسيا في بناء إنسان ما بعد الانحطاط وانعكس هذا الفشل على ظهور الفرد (المستهلك) بدل الإنسان.
   
نحن اليوم إذا لم نفكر في مشروع متكامل لبناء إنسان فإننا لن نتغير أبدا، فالسياسة لا تحل مشكلة التخلف كما يعتقد الكثير
5- مصطلح "مشروع نهضة" هو محاكاة للمشروع الغربي زمن التّنوير، بيد أن المشروع الغربي استند إلى شروط موضوعية أدت إلى انتصاره تكمن في وضع غايات ومقاصد للمشروع النهضوي وهي: التنوير – الحرية – المواطنة – العدالة. بينما نحن نربط سؤال النّهضة دوما بالعقيدة، وهذا في حد ذاته ضد النّهضة، فمشكلة المسلم ليس مع عقيدته بل مشكلته الأساس مع عالم الأشخاص والأفكار والأشياء كما يري مالك بن نبي.
   
6- ضرورة وعي سؤال النّهضة في أبعاده الزمانية والمكانية، لأن ما طرحه الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا يختلف كليا عما نعيشه اليوم في القرن الحادي والعشرين، فسؤال النّهضة اليّوم لا بد أن يحمل حمولة عصره وهموم أبنائه وليس حلم الأسلاف وتصوراتهم. ومن خلال ما سبق، ندرك أننا عندما نتحدث عن شروط النّهضة في القرن الحادي والعشرين نؤكد بأننا لا زلنا نعيش اقتصاد القرن السّادس عشر، ونفكر وفق ثقافة القرن الرابع الهجري، وننظم أنفسنا وفق سياسة المماليك.
   
أين الخلل في مقولات النهضة الإسلامية؟ هل في محاكاة الغرب دون فهم للشروط والغايات؟ أم لغياب المرجعية الفلسفية المؤسسة للأسئلة النهضة؟ أم لأننا لم نفكر بجدية في أيقونة النّهضة وأقصد الإنسان.؟ تقتضي إشكالية الوجود والمصير في سياقات مقولات النّهضة وأسئلتها وضع فلسفة إحيائية بنائية، تُمكن الأمةَ من وضع أولى خطوات الانبعاث الحضاري، فعندما ندرس الدّورة الحضارية وفق مراحلها الثّلاث، نلاحظ أن كل مرحلة إلا ويُقابلها أنموذج إنساني يختلف عن سابقه. يُبنى المعيار الحضاري على قاعدة تاريخية، تنطلق من فكرة كلما تقدم التّاريخ الإسلامي من نقطة ميلاده (الصفر) ونقصد المدينة المنورة، كلما بدأ الإنسان الشّاهد النموذج الأروع يفقد دوره ومثاله الرائع، ويخرج من مجال التاريخ الحي ويدخل في مجال التاريخ الميت، حتى تحول بفعل التّباعد التّاريخي عن نقطة الصفر إلى كائن بدون كيانات حضارية.
  
كان الهاجس منذ زمن الفتنة والمحنة ثم النّكسة: كيف يتم بناء إنسان جديد يحمل بعض خصوصيات نموذج إنسان المدينة؟ وكيف يمكن إبداع نماذج إنسانية تُحقق أمل النهضة...؟ وما سمات الإنسان المستقبلي؟ ونحن اليوم إذا لم نفكر في مشروع متكامل لبناء إنسان فإننا لن نتغير أبدا، فالسياسة لا تحل مشكلة التخلف كما يعتقد الكثير، وأغلب القادة والساسة الذين يراهنون على تغيير العالم الإسلامي من خلال العمل السياسي هم مخطئون بالضرورة، فالتغيير الحقيقي هو تغيير الإنسان الكتلة وتحويله إلى إنسان شاهد.

الخميس، 11 أبريل 2019

ثورة 22 فبراير 2019 السلمية بالجزائر



·         كاتب وأستاذ جامعي
·          
حراك فبراير السلمي.. حين يكون الشعب في مستوى الحدث

نُشر بالجزيرة يوم 4/4/2019


مر أربعون يوما على مسيرة الحِراك السلمي، تُوج باستقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد مناورات بائسة من قبل قوى غير دستورية، كانت الأولى من أجل الترشح لعهدة خامسة، والثانية محاولة تمديدها لبضعة أشهر، لإجراءات إصلاحات دستورية مهمة حسب زعمهم، من خلال عقد ندوة وطنية جامعة، وهي التي تُحدد موعد الانتخابيات الرئاسية، وكان الرئيس المنتهية ولايته يحلم أن يُسلم عرش الرئاسة لمن سيخلفه.
  لكن الشعب الجزائري رفض التمديد والتأجيل، فكانت المحاولة الثالثة البقاء لغاية 28 أبريل؛ مع إصدار قرارات مهمة، وتدشين ثلاثة مشاريع هامة على رأسها المسجد الكبير، وفتح المطار الدولي الجديد، وتدشين الملعب الأولمبي الكبير، لكن الشعب رفض. لم يكن للرئيس آخر الأمر إلى الانصياع لأمر الشعب والجيش، فقدم استقالته يوم 2 أفريل سنة 2019، بعد أن عجز الطاقم الرئاسي وآل بيته من استنفاد الوقت اللازم لتحضير خروج مشرف وآمن لهم.
إن أكبر نصر حققه الشعب الجزائري من خلال ثورته السلمية يمكن أن نحدده في العناصر الأتية: 
انتصر الشعب على الخوف ونفسية الركون، وطلق السّكون واتجه صوب الحِراك الاجتماعي والسياسي، مما أحدث قفزةً نوعيةً في الوعي لم نلاحظها لدى كثير من الشعوب التي ثارت على سُلطها، فلم نسجل طيلة الجمع الست حدثا مأساويا، ولم تسل قطرة دم واحدة. 
لم يقع الشعب الجزائري في فخ تمثيل الحراك بل كان مصرا على ألا يُمثله أحد مهما كان وزنه أو تاريخه، لأن التمثيل في تلك المرحلة كان ليكون في صالح النظام، والذي كان يطلب من الحراك الشعبي تعيين ممثليه حتى يحاورهم
·          
انتصر على النعرات الإثنية والجهوية، ولم ينساق وراء الدعاية المغرضة ولا الشائعات التي حاول من خلالها النظام إحداث انقسام داخل الجبهة الشعبية، فكان الشعار الأكثر حضورا لا فرق بين القبائلي، العربي، الميزابي، الشاوي، الترقي كلنا جزائريون إخوة في الدين والوطن، وهذا التلاحم الوطني تم التعبير عنه من خلال التمسك بالراية الوطنية كراية سياسية وحيدة، أما الرايات الأخرى ما هي إلا تعبير عن انتماء ثقافي، ونقصد الراية الأمازغية، النايلية، الهلالية. 
امتازت ثورة 22 فبراير بالتنظيم المحكم على مستوى 48 ولاية، ولم يحدث صدام بين الشعب وقوات حفظ النظام، بل كان تحول الشباب إلى دروع تحمي عناصر الأمن من أي اعتداء تقوم به عناصر المندسة والمنحرفة.
 ظهور ثقافة التعبير الحر من خلال التفنن في كتابة الشعارات، واختيار الأناشيد الوطنية الحماسية، كما سجلنا حضور صور أبطال ثورة التحرير الوطني أمثال العربي بن مهيدي، لطفي، سي الحواس، عميروش، زبانة، وهذا في حد ذاته انتصار تاريخي، حيث لم تستطع السلطة أن ترسمه بقوة برامجها الدراسية وأيامها الاحتفالية، لكن الشعب رسمه بقوة الوعي والرغبة الملحة في الانتماء للحظة النوفمبرية.
ظهور شعارات ذات بعد ثوري محض، تعكس درجة اليأس من النظام القائم، وهذا يؤكد أن صبر أيوب قد بلغ حده وأن الشعب قرر أن يمضي إلى آخر المطاف، فليس هناك ما يخسره حاضرا ومستقبلا قياسا مع ما خسره طيلة صبره وانتظاره، ومن تلك الشعارات التي غزت العالم بأسره: "ترحلوا يعني ترحلوا"، ارحلوا جميعا"، "ترحلوا قاع" ولعل هذا الشعار الأخير هو الأكثر رواجا لأنه مستمد من اللغة العامية فلفظة "قاع" تعني الكل بوجه مطلق لا استثناء فيه.
نذكر أنه في جميع المسيرات لم يتم سب رئيس الجمهورية وإن طال السب محيطه وزبانيته، فالشعب الجزائري كان مدركا أن الرئيس لا يحكم بسبب مرضه، وإنما الحاكم الفعلي شقيقه سعيد بوتفليقة، الذي شكل جماعةً غير دستورية تحكمت في مفاصل الدولة، فنهبت المال، وعطلت المصالح، وأبعدت الشرفاء، وقربت السفهاء، وبددت أحلام الشباب ودفعتهم للهجرة في قوارب الموت.
لم يقع الشعب الجزائري في فخ تمثيل الحراك بل كان مصرا على ألا يُمثله أحد مهما كان وزنه أو تاريخه، لأن التمثيل في تلك المرحلة كان ليكون في صالح النظام، والذي كان يطلب من الحراك الشعبي تعيين ممثليه حتى يحاورهم. غير أن عدم وجود ممثلين عن الحراك جعل السلطة تقف عاجزة عن المناورة، فحتى الشخصيات التي كانت تُحلل وتتحدث عن الحراك لم تجرأ القول بأنها تُمثل الحراك، بل الحراك ذاته رفع عدة لافتات يرفض أن يمثله كان من كان.
 لعب الكم دورا مهما في تغيير موقف الجيش، ففي الجمعة الأولى كان موقف الجيش منحازا نحو النظام، ووصف القائد المتظاهرين بالمغرر بهم، كما لمسنا لغة التهديد والوعيد في الخطاب الأول، تم الرد عليه بجمع مليونية شملت كل الولايات بدون استثناء، حتى تلك الولايات المعروفة بولائها للنظام منذ 1962 انتفضت لأول مرة، وخرج شبابها يصرخون: ارحلوا ارحلوا.
 تم تحرير وسائل الإعلام والقنوات الفضائية، فاصطف أغلبها مع الشعب. حيث استطاع الشعب أن يكسب سلطتين مؤثرتين الجيش والإعلام، بالرغم أن الشعب لن ينسى الدور السلبي لبعض القنوات المحسوبة على النظام، والتي وإن تخلت عنه في اللحظات الأخيرة عير إنها ستحاسب حسابا عسيرا، لأنها تأسست بفضل المال العام المنهوب، وعملت على تضليل الشعب وقتا طويلا.

رفض الحراك الشعبي أي تدخل أجنبي، لذا كان الشعب ضد تدويل الحراك من قبل النظام، وذاك من خلال رفض كل ما قام به رمطان لعمامرة بالخصوص، فذهابه إلى الصين وروسيا وإيطاليا كان من أكبر الأخطاء التي ارتكبها النظام.
معركتنا القادمة ستكون من أجل تنحية حكومة نور الدين بدوي، وحل المجلس الدستوري، والبرلمان بغرفتيه، ثم التمكين للشعب من خلال المادة السابعة والثامنة من الدستور
·          
أهم ما سجلته في خضم هذه الأحداث، هو تحول الشعب إلى قارئ للدستور، وهو الذي كان منذ شهرين يجهل مواده الدستورية، بل لا يُحبذ الحديث عنه، لكن الأحداث المتسارعة جعلته يحفظ ويعي كثير من المواد: 7، 8، 28، 102، 104، ... وخاصة المادة 102 التي شكلت محور حديثه في أغلب الأحيان.

انتشرت الشائعة بصورة مذهلة، وكان الغرض من زرعها إرباك الشعب، وصرفه عن الأحداث المحورية، لكن الوسائط الاجتماعية وعلى رأسها الفيس بوك مكنت الشعب من الاطلاع على كل كبيرة وصغيرة، والقدرة على التمييز، وعليه لم تستطع الشائعات كسر إرادة التغيير.
 تفنن البعض في السخرية والتنكيت، ووجدت تلك الفنون قبولا في أوساط الشعب، مما جعل الحراك يكتسب طابعا مرحا وفنيا. 
الحضور القوي للمرأة الجزائرية، فالنظام السابق كان يراهن دوما على العنصر النسوي للمساندة والمؤازرة من خلال سن جملة من القوانين التي أتاحت للنساء الحصول على مناصب برلمانية وحكومية وفق نظام الحصة (الكوطا). 
وبعد أربعين يوما من الصمود والتصدي لكل أشكال الهيمنة والتضليل، استطاع الشعب الجزائري أن ينتصر في معركته الأولى والمتمثلة في تنحية الرئيس والقوى غير الدستورية التي حكمت البلاد وآذلت العباد.
  
غير أن ثورة 22 فبراير لم تصل إلى أهدافها، فتنحية سلطة الواجهة لا يعد تغييرا جذريا بل هو مجرد تغيير سطحي، فالثورة هدفها التغيير الجذري للنظام العميق، ونقصد أن ما بعد 2 أفريل هو العمل البطولي الذي سنقوم به حقا، فتغيير سلطة الظل والقوى الخفية في دواليب السلطة تحتاج منا نضالا كبيرا، وكلنا مجمعون على أن المسيرات ستتسمر حتى نصل إلى جميع أهدافنا دون نقصان.
معركتنا القادمة ستكون من أجل تنحية حكومة نور الدين بدوي، وحل المجلس الدستوري، والبرلمان بغرفتيه، ثم التمكين للشعب من خلال المادة السابعة والثامنة من الدستور، حيث لا يؤمن الشعب الجزائري في انتخابات ديمقراطية وشفافة في بقاء الولاة ورؤساء الدوائر، فضلا عن رئيس الحكومة المعروف بتزويره لأغلب الاستحقاقات السابقة.