الأربعاء، 30 سبتمبر 2015

كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة


الإمامة والسياسة

كتاب في نسبته إلى ابن قتيبة شك قديم، وأول من أماط اللثام عن الريب في نسبته إليه القاضي أبو بكر ابن العربي (ت 543هـ) في كتابه (العواصم من القواصم) (ص 45 - 48). ومقدمته الهزيلة ناطقة بأنه أبعد ما يكون عن أدب ابن قتيبة، الذي ميز مقدماته لكتبه بطابع خاص، اشتهرت به، وعرفها الناس عنه، حتى قالوا في كتابه (أدب الكاتب): مقدمة بلا كتاب. ولاحظ النقاد شيوع أسلوب السجع في الكتاب، وهو ما لا نراه في أدب ابن قتيبة وكتاباته الرصينة. أضف إلى ذلك ورود أحداث في الكتاب وقعت بعد وفاة ابن قتيبة، كذكره مراكش، وهي مدينة أنشاها ابن تاشفين حوالي سنة (470هـ) ومما أورده الناقدون من الحجج على بطلان نسبة الكتاب إلي ابن قتيبة أن المؤلف ينقل مشافهة خبرا عن امرأة شهدت فتح الأندلس، بينما كان فتح الأندلس قبل مولد ابن قتيبة بنحو (120) سنة، وذلك عام (92هـ) ومن ذلك أنه ذكر أن الرشيد عهد بالولاية لابنه المأمون أولا ثم للأمين، والعكس هو الصحيح كما يذكر ابن قتيبة نفسه في كتابه (المعارف) وأراد واضع الكتاب بالإمامة والسياسة: ذكر أبرز أخبار الخلفاء والأئمة، سيما الأخبار التي اتسمت بالخلاف السياسي كيوم السقيفة ويوم الدار، ووقعة الحرة وقتلاها سنة (63هـ) وقد ختم الجزء الأول بكلامه على فضائل أهل الحرة، وافتتح الجزء الثاني بذكر اختلاف الرواة فيها، وتطرق بعد حديثه عن أيام الوليد وسليمان ابني عبد الملك إلى أخبار ولاة الأندلس، مفصلا الكلام عن فتح الأندلس وأفريقة، وعاد فذكر وفاة سليمان بن عبد الملك، وأسخن الأحداث التي انتهت بها الدولة الأموية، ثم شرع في الحديث عن قيام الدولة العباسية، وانتهى فيه إلى تفصيل ما جرى بين الأمين والمأمون ، حتى مقتل الأمين سنة (195هـ). إلا أنه لم يعتمد في سرده للأحداث نظام الحوليات المتبع عند المؤرخين، ومن أهم النصوص السياسية التي اشتمل عليها الكتاب خطبة سفيان الثوري بمنى بين يدي أبي جعفر المنصور، فلما أغلظ فيها الكلام قاطعه أبو عبيدة كاتب المنصور بقوله: (أمير المؤمنين يستقبل بمثل هذا ? فقال له سفيان: اسكت، فإنما أهلك فرعون هامان، وهامان فرعون) انظر دائرة سفير للمعارف الإسلامية (ج 52 ص122) ومنها استفدنا التعريف بهذا الكتاب، وفيها أن أشنع أخطاء الكتاب ما ذكره المؤلف من رفض علي (كرم الله وجهه) بيعة أبي بكر، وتحريضه السيدة عائشة على قتل عثمان (ر) وانظر أيضا (د. عمر مسلّم العكش: (ابن قتيبة الدينوري وجهوده اللغوية) (طبعة المجمع الثقافي بمدينة أبوظبي 2005م ص109) ومما ساقه من الأدلة على بطلان نسبة الكتاب إلى ابن قتيبة، غير ما ذكرناه آنفا: أنه ينقل مباشرة عن أبي ليلى الذي تولى القضاء في الكوفة سنة (148هـ) وأن الكتاب لم يذكره أحد ممن ترجم له من القدامى، ولم يذكره ابن قتيبة في أي من مؤلفاته. طبع كتاب (الإمام والسياسة) مرات كثيرة، أولها في القاهرة سنة (1322هـ 1904م) جزآن في مجلد واحد

الجمعة، 18 سبتمبر 2015

فاكهة الخلفاء

فاكهة الخلفاء

من مشاهير الكتب المؤلفة على ألسنة الحيوانات. طبع لأول مرة في دير الآباء الدومانيكيين في الموصل سنة 1869م. ويتضمن قصة أشبه بالروايات الشعبية، جعل المؤلف راويتها (أبا المحاسن حسان) وبطلها (حسيباً): أصغر أولاد ملك العرب، الذي ترك خمسة أولاد، تنازعوا فيما بينهم على الملك، فآثر حسيب ألا ينحاز إلى واحد من إخوته، واعتزل الأحداث ليكتب كتاباً يشتمل على عشر حكايا في فن سياسة الملوك. فأوغر وزير الملك صدره عليه، وحذره من مغبة الكتاب، فطلب الملك أخاه حسيباً، وحشر الحكماء والعلماء ليقرأ عليهم الكتاب لمعرفة ما فيه من الأسرار. وهكذا يقوم حسيب بسرد تلك الحكايا حتى آخر الكتاب. حيث يقوم الوزير ويقبل قدمي حسيب أمام جمهور الحكماء، وينعم عليه أخوه الملك بجعله مستشاره الأول، ويكلفه بإصلاح ما بينه وبين إخوته الأمراء، فينجح حسيب في مهمته، ويعم الأمن والرفاه أرجاء المملكة. لم يذكر ابن عربشاه أن كتابه هذا ترجمة وليس عملاً من أعماله. إلا أن مقارنة بسيطة =كما يقول خراساني محمد غفراني في كتابه: ابن المقفع ص535= تثبت أنه ترجمة عربية للترجمة الفارسية (المطبوعة) التي وضعها السعد الوراويني سنة 622هـ: لكتاب (مرزبان نامه) =انظره منشورا على الوراق في المكتبة المحققة= الذي ألفه باللهجة الطبرية: الإصبهبذ بن رستم: أحد ملوك آل باوند في قزوين، في أواخر القرن الرابع الهجري. إلا أن د. عبد الله الغزالي في كتابه (السارد والمخاطب في فاكهة الخلفاء) ذكر الكتابين في أعمال ابن عربشاه فقال ما ملخصه: كان ابن عربشاه أحد الغلمان الدمشقيين الذين حملهم تيمور لنك إلى سمرقند سنة 803هـ كما يذكر السخاوي، ثم خرج من سمرقند سنة 811 وجال في بلاد الشرق، وقضى عشر سنوات في ديوان الإنشاء في الدولة العثمانية أيام محمد بن بايزيد ، تولى أثناءها تربية ابنه: (مراد خان الثاني). وقام بترجمة كتاب (جوامع الحكايات) من الفارسية إلى التركية، و(تفسير أبي الليث السمرقندي) من العربية إلى التركية، وكتاب (تعبير الرؤيا) لنصر بن يعقوب الدينوري. ورجع إلى دمشق سنة 825هـ ثم تركها إلى القاهرة سنة 840هـ لخدمة السلطان جقمق. وألف له كتاب (مرزبان نامه) ثم ألف كتابه (عجائب المقدور في نوائب تيمور) سنة 841 ثم ألف كتابه (فاكهة الخلفاء) في صفر سنة 852هـ ثم كان ما لقي من المحنة على يد جقمق، وزج به في السجن، ومات بعد خروجه من السجن ب(12) يوماً يوم 15 / رجب / 854هـ. وانظر إجازته المطولة لابن تغري بردي في (المنهل الصافي) وفيها سيرته بقلمه.

السبت، 12 سبتمبر 2015

الجواهر المضيئة في بيان الآداب السلطانية

الجواهر المضيئة في بيان الآداب السلطانية
عبد الرؤوف المناوي
عرض أ.د ع. بوعرفة
1- التعريق بالكاتب
  عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين بن يحي بن محمد زين الدين الحدادي( الحدادة قرية تونسية) المناوي القاهري، ولد في سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة 852هـ بمصر. وتخصص في العلوم التفسير والتصوف، وتعلم الفقه الشافعي وحفظ البهجة وغيرها من متون الشافعية،  وألفية ابن مالـك،  وألفية سيرة العراقي…. 
   كما درس علوم العربية، وتفقه بالشمس الرملي، وأخذ التفسير والحديث والأدب عن النور علي بن غانم المقدسي، وحضر دروس الأستاذ محمد البكري في التفسيـر والتصوف، وأخذ الحــديث عن النجم الغيطي، والشيخ قاسم، والشيخ حمدان الفقيه، والشيخ الطبلاوي لكن كان أكثر اختصاصه بالشمــس الرملي وبه برع،  وأخذ التصوف عن جمــع، ثـم أخـذ طريق الخلويتة عن الشيخ محمد المناخلي أخي عبد الله وأخلاه مرارا،  ثم عن الشيخ محرم الرومي حين قدم مصر بقصد الحج،  وطريق البيرامية عن الشيخ حسين الرومي المنتشوي، وطريق الشاذلية عن الشيخ منصور الغيطي،  وطريق النقشبندية عن السيد الحسيب النسيب مسعود الطاشكندي، وغيرهم من مشايخ عصره .
توفى صبيحة يوم الخميس الثالث والعشرين من صفر سنة إحدى وثلاثين وألف وصلى عليه بجامع الأزهر يوم الجمعة ودفن بجانب زاويته التي أنشأها بخط المقسم المبارك فيما بين زاويتي الشيخ أحمد الزاهد.
 من تصانيفه:
-       كنوز الحقائق في الحديث.
-        التيسير شرح الجامع الصغير.
-       "فيض القدير شرح الجامع الصغير"
-        "شرح الشمائل" للترمذي.
-        "الكواكب الدرية في تراجم السادة الصوفية"
-       "الجواهر المضيئة في الآداب السلطانية"
-        "الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية"

2-  التعريف بالكِتاب:  كان قبل نشره مجرد مخطوط غير محقق، حققه د. عبد الحميد صالح حمدان من خلال المخطوطة الوحيدة المحفوظة بمكتبة ليدن بهولندا تحت رقم 756. وطبعه المُحقق بدار عالم الكتب بالقاهرة سنة 2004 م، تحت الترقيم الدولي : I.S.B.N  3-804- 232- 779. قدمه صاحبه بحجم متوسط عدد صفحاته لا يتجاوز 120 صفحة ، قٌسم إلى مطلبين:
1-   المطلب الأول: حول الإمام وشروط الخلافة، وقسمه إلى أربعة عشر بابا. بيد أنه في الطبعة المحققة لم يذكر الأبواب التالية: 10،11،12،13،14.
2-   المطلب الثاني: خصه لنظام الدولة والجهاز المساعد له في الحكم من الوزراء والحجاب.. وقسمه بدوره إلى عشرين بابا. لكنه لم يذكر إلا الأبواب التالية :1،2،3،4.
3-   مضمون الكتاب: يُصنف الكتاب ضمن الكتب التراثية عامة، وضمن المؤلفات السّياسية خاصة، وبلغة الفقهاء رسائل الآداب السلطانية أو الأحكام السلطانية. وموضوعه سياسة الملوك من خلال توجيه الملوك إلى أسس الحكم السليمة والأخلاق الفاضلة، وترشيدهم إلى السّير الفاضلة والقدوة النافعة ممن سبقوهم من الخلفاء والملوك. كما توضح العلاقة الموجودة بين الرّاعي والرّعية، وترجيح طاعة أولي الأمر وعدم الخروج على الحاكم.... يقول المناوي: " وهذا الكتاب، وإن كان أصل وضعه للأحكام السلطانية، ينتقع بغالبه حتى آحاد الرعية، فإن الرجل منهم سلطان ببيته، وعياله ورعيته..." [1] 
   قسم الكتاب إلى مطلبين،  فالمطلب الأول حدده المناوي في قوله :" في أحوال السلطان وفيما له وعليه عموما وخصوصا، وما يحتاج إليه في خاصة نفيه وشرف العدل وما يعلق بذلك."[2] 
وفرعه إلى الأبواب التالية: في شروط الإمام القوّام على أهل الإسلام
-       الباب الأول : فيما يُناط بالإمام من الأحكام الكلية.
-       الثاني: في تعريف الإمامة، ووجوب نصب الإمام. ص35.
-       الثالث: فيما تنعقد به الإمامة.ص 39.
-       الرابع: نصب الإمام وتفصيل الطرق التي تنعقد بها الإمامة. ص 49.
-       الخامس: في العدل وشرفه والثناء عليه في جميع الملل والنّحل.ص 53.
-       السادس: فيما يجب على السلطان ونائبه على الرعية.ص 77.
-       السابع: فيما ينبغي أن يكون عليه الملك في خاصية نفسه.ص 89.
-       الثامن: فيما يحتاجه الملك من الطب الجسماني.ص 93.  
-       التاسع: فيما يحتاجه الملك من الطب الروحاني.ص 97.
أسقط المحقق سهوا أو عمدا الأبواب التالية: العاشر، الحادي عشر، الثاني عشر، الثالث عشر، الرابع عشر.
*المطلب الثاني قسمه إلى عشرين باب ولم يُذكر في الكتاب المحقق إلا أربعة أبواب:
-       الباب الأول: في الوزراء. ص101.
-       الباب الثاني: في سفرائه ورسله. ص105.
-       الباب الثالث: في عماله والناظرين على رعيته. ص 109.
-       الباب الرابع: في صاحب الشَّرطة. ص 111.
 ويلاحظ أن الأبواب لم تُرتب كما جاء في مقدمة صاحب الكتاب، وأسقط الناشر الأبواب الستة عشر المتبقية لعلة لا نعرفها.
4-    أثاره
  الكتاب لم يكن له أثر في تاريخ الفكر السياسي، لكونه لم يحظ بالشهرة اللازمة، ولم يجد من يثمنه نقدا أو دراسة. 
5-   نقد وتقييم
لم يخرج الكتاب عن ما ذكره الماوردي في كتابه الأحكام السلطانية، فهو كتاب قي الفقه السياسي أكثر منه في الفكر السياسي، وقد طغى عليه أسلوب الوعظ والإرشاد وتوجيه الفعل السياسي نحو الخير والأخلاق.


[1] - المناوي، عبد الرؤوف، الجواهر المصيئة، تخقيق: عبد الخميد حمدان، دار عالم الكتب، القاهرة، 2004، ص 17.
[2] - المصدر نفسه، ص 18.