الجمعة، 14 يونيو 2013

ابن رشد والغزالي الخلاف الظاهري والوفاق الباطني

ابن رشد والغزالي
الخلاف الظاهري والوفاق الباطني
***

 استغل كثير من المفكرين مهاجمة وابن رشد للغزالي، ليلصقوا به اغتيال العقل وغلق باب  الفلسفة وإعلان موتها، وأصبح ابن رشد يمثل التنوير والغزالي يمثل الرجعية والظلام
     لكن دراسة مؤلفات ابن رشد تبين أن الرجل كان عكس ما ذهبوا إليه تماما، فالغزالي هو المعلم الفلسفي والملمح النظري أما مهاجمة الغزالي فكانت تورية وتَخَفيا مشروعا.
      سنرى من خلال ملازمة ابن رشد للبيت الملكي أدراكه لخطورة المذهب التومرتي على أفق التفكير السياسي، و خاصة خطورة فكر ابن تومرت، لكن ابن رشد لا يستطيع أن ينتقد ابن تومرت الأب الروحي للموحدين فاختار أسلوبا جديدا للنقد، إنّه النقد بالتلميح الذي يتأسس على نقد المرجع الأول لابن تومرت والمتمثل في شخص الغزالي الأشعري. إن أغلب الدراسات تحاول تصوير ابن رشد مهاجما للغزالي، لكن القليل الذي استنتج أن النقد الرشدي ليس موجها للغزالي فحسب بل موجها لفكر ابن تومرت.
    لقد ربط ابن رشد إيديولوجية الدولة الموحدية بفكر ابن تومرت، وأن تحطيم هذه الإيديولوجية لا ينجح بالتّصريح المباشر، لذا اختار الغزالي ليحاوره فلسفيا من أجل أن يتقدم هو فلسفيا وسياسيا: " لقد اختار ابن رشد الغزالي كمحاور لكي يتقدم فلسفيا بالمسألة الحاسمة الخاصة بالعلاقات بين الفلسفة والدين. ومن جهة أخرى هي أن نقد ابن رشد الأشاعرة والغزالي الأشعري كان نقدا بكيفية غير مباشرة لمؤسس السلطة الموحدية في المغرب، ابن تومرت الذي أذاع المذهب الأشعري في هذه البلاد، ورسَّمته الدولة التي انبنت على دعوته، والذي جعل من قضية إحراق المرابطين الغزالي الإحياء فرس رهانه السياسي

       يستعمل ابن رشد الأسلوب نفسه الذي استعمله ابن تومرت ولكن لغرض آخر، لقد اختار ابن تومرت الغزالي ليتقدم سياسيا في حين اختار ابن رشد الغزالي ليتقدم معرفيا أولا، ثم ليطيح بابن تومرت ثانيا، فالعلاقة واضحة بين الغايتين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق