الجمعة، 8 فبراير 2013

المدرسة الماركسية ( المادية التاريخية)


المدرسة الماركسية ( المادية التاريخية)

(فريدريك أنجلز وكارل ماركس)
 تأسست المدرسة المادية على القول بأن المادة هي العنصر الخلاّق والمُطور لكل الأشياء، سواءً أكانت ظواهر طبيعية أو اجتماعية، كما أكدت على أن أصل الكون عنصر مادي بحت، ويمكن تعريفها بالضد من خلال القول: هي ضد كل ما هو مثالي ميتافيزقي، يقول كارل ماركس في الصدد نفسه  : " إن أسلوبي الديالكتيكي لا يختلف عن الديالكتيك الهيغلي وحسب، بل هو نقيضه المباشر، فهيغل يحول عملية التفكير، التي يطلق عليها اسم الفكرة إلى ذات مستقلة، إنها خالق العالم الحقيقي، ويجعل العالم الحقيقي مجرد شكل خارجي ظواهري ُللفكرةُ. أما بالنسبة لي، فعلى العكس من ذلك، ليس المثال سوى العالم المادي الذي يعكسه الدماغ الإنساني ويترجمه إلى أشكال من الفكر".  مقتبس من كتابه رأس المال.
·       المقدمات الكبرى
 تعتبر المادية الجدلية (الديالكتيكية) الركن الأساسي في النظرية الماركسية، ومصطلح "ديالكتيك"  أصلها  يوناني، وتعني في الأصل الجدل أو الحوار بين شخصين أو أكثر للوصول إلى نتيجة  بعد اقتناع أحد أطراف المحاورة. أما فلسفيا، فإن الديالكتيك هو علم دراسة التناقضات الموجودة في الأشياء لأجل إيجاد حلول لها، يقول " لينين": "إن ازدواج ما هو واحد ومعرفة جزئيه المتناقضين، يشكلان جوهر الديالكتيك."
     تعتبر المدرسة أن الأشياء ليست ثابتة بل متغيرة، وأن ما نعتقد أنه ثابت فهو ثبات نسبيا فقط، لأن المادة جوهرها التغيير والتحول، أما الآراء الميتافيزيقية فتجمد الحياة وتعطل تقدم العلم والاكتشافات، وذلك بسبب عدم فهمها للطبيعة، وقولها بفكرة الشيء الثابت، لذلك فإن الميتافيزيقي يُعلل أسباب تطور الحياة إلى قوى خارجية عن الشيء (يقصد المحرك الذي لا يتحرك، الواحد الأفلاطوني، الصانع الأرسطي، أو الله ….)
    تعتبر المدرسة المادية وفق منهجها الديالكتيكي ونظرتها للأشياء الموجودة في الكون أن الأشياء تتغير وتتبدل بفعل التناقض الباطني الموجود في هذه الأشياء، وهو الأساس لحدوث التغيير، إن النظرة الدّيالكتيكية وفق المنظور الماركسي ترجع تطور الكون الموجود إلى عناصر في ذاته وليس إلى  قوى خارجية عنه تتخذ شكل لاهوتيا أو ميتافيزقيا، إن تفسير أي ظاهرة طبيعية يجب ألا يكون خارج الظواهر المحيطة بها والعناصر المُكونة لها.
      تركز المدرسة على مقولة (أسبقية الفكر على المادة  وأسبقية الوجود عن الماهية)  إن هذه الحكم الصارم في أبجديات المدرسة المادية نتج بفعل المقولة المثالية التي تعتقد أن ( الفكرة أسبق من المادة، وأن الماهية أسبق من الوجود).
      أخذ "ماركس" أسلوبه المادي من منهج "فيورباخ" وتأثر به، مثلما تأثر بفلسفة وجدلية "هيغل" التي أخذ منها "ماركس" نواتها العقلية ونبذ غلافها المثالي، والمنحى ذاته حدث أيضا مع مادية "فيورباخ"، حيث أخذ "ماركس" لبها الداخلي ونبذ قشرتها المثالية الدينية الإثنية. وقد أشار "انجلز" إلى هذا الأمر بقوله: " فويرباخ على الرغم من الأساس المادي، بقي مكبلا بالقيود المثالية التقليدية، وأن المثالية الحقيقية لفويرباخ تظهر بوضوح حالما نأتي إلى فلسفته عن الدين والإثنية."
      قام "ماركس" بمزواجة أو تركيب بين جدلية "هيغل" ومادية "فيورباخ" لينتج عن ذلك " المادية الجدلية" أو "المادية الديالكتية"  ونستطيع تعريف المادية الجدلية بأنها قوانين ومبادئ تعمل في الجانب العلمي والعملي (التطبيقي)، ومن جانب تطور المجتمع وحركته. أي أنها تدرس العلوم الطبيعية وعلم الاجتماع معا.
·       قواعدها
ترتكز المادية الجدلية على ثلاثة قوانين أو حركات، تم تطبيقها على علوم الاجتماعية، والعلوم الفيزيائية والكيميائية ….  وسوف نأخذ كمثال مركب "الماء" الذي يتكون من (ذرتي هيدروجين و ذرة أوكسيجن) في شرح قوانين الديالكتيك وبشكل عام تعتبر المعادلات الكيميائية من أكثر وأبسط الأمثلة لشرح قوانين الديالكتيك.
القانون الأول: وحدة صراع الأضداد (التناقضات).
     يُقصد منه القول بأن الظاهرة والضد لها موجودان في وحدة واحدة ولا ينفصلان عن بعضهما البعض، أي أن كل ظاهرة تحمل النقيض أو الضد لها في الوحدة نفسها، ولا ينفصل الضد عن الظاهرة ولا الظاهرة عن الضد!  إذ أن بانفصال أحدهما عن الآخر تتعطل قوانين الديالكتيك. تكون الأضداد في حالة صراع  وحركة مستمرة في الوحدة الواحدة، قد ينتج عن تلك الحركة إما تحولا أو تغيرا أو فناءً. يقول "إنجلز" : " الطبيعة كلها من أصغر الأشياء إلى أكبرها، من حبة الرمل إلى الشمس، من البروتيستا إلى الإنسان، هي في حالة دائمة من النشوء والزوال، في حالة تغير متواصل، في حالة حركة وتغير لا يتوقفان."
   يمكن تمثيل تلك الحركة بالمصنع، فالصراع بين العامل والرأسمالي هي المصنع، ووحدة صراع الطالب والمعلم هي المدرسة، ووحدة صراع الزوج والزوجة هي البيت …..
    نلاحظ من خلال العودة إلى المعادلة الكيميائية لمركب الماء، فإننا نجد أن شرط تكون الماء لابد من اتحاد ذرتي الهيدروجين و ذرة الأكسوجين في وحدة واحدة، فمن المستحيل أن يتكون الماء إذا كان الهيدروجين في منطقة (أ) والأوكسجين في منطقة (ب)
        لقانون الثاني: تحول الكم إلى كيف (نوع).
نقصد به الصراع بين الأضداد (التناقضات) في الوحدة الواحدة الذي ينتج عنه تحول نوعي نتيجة التراكمات الكمية التي طرأت عليه، فمثلا في حلقة صراع العامل والرأسمالي قد يحدث تراكم كمي ينتج عنه تغير نوعي. فلو قرر الرأسمالي مثلا أن يخفض أجور العمال (تراكم كمي) سوف ينتج عن ذلك إضراب للعمال أو ربما مظاهرة عمالية (تغير نوعي).
 ونقر ان ما سبق هو ذاته ينطبق على المعادلة الكيميائية لمركب الماء، فإن نتيجة التراكمات الكمية التي حدثت للضدين (الهيدروجين والأوكسجين) نتج عنه تغير نوعي هو "الماء"، مما يعني أن الهيدروجين والأكسجين تغيرا إلى نوع جديد هو الماء، الذي هو ليس بهيدروجين ولا أوكسجين.
        القانون الثالث: نفي النفي
ويُقصد به أن الصراع بين الأضداد في الوحدة الواحدة يراكم تغيرات كمية ينتج عنها تغيرات نوعية، وبالتالي قد تؤدي إلى فناء أحد الضدين أو كليهما، وأن النوع الجديد قد يكتسب صفات أحد الضدين القديمة أو يكون ذو صفات جديدة كليا، وأن النوع الجديد يبدأ في صراع نقيضه (ضده) ليؤدي ذلك إلى نفيه كما نفى النوع القديم، ونستطيع تلخيص ما سبق فيما يلي : إن استمرارية نفي النفي تؤدي إلى التطور، فمثلا، في العصر الإقطاعي كانت هنالك طبقتان رئيسيتان متصارعتان (طبقة الأقنان وطبقة الإقطاعيين) كانتا في صراع لقرون طويلة، وبالرغم الأزمات التي حلت بالمجتمع الإقطاعي إلا أنه لم تنتف الطبقتين المتصارعتين إلا بعد بروز الطبقة الجديدة المتمثلة في الطبقة البرجوازية، والتي أدى ظهورها إلى ظهور نقيضها وهي البروليتاريا كطبقة تعبر عن الكادحين في الأرض، وقد ذكر "انجلز" مثالا على هذا القانون بقوله: (إن عملية خروج الشرنقة من البويضة هي عملية نفي لمرحلة البويضة، ثم تبدأ مرحلة تراكم كمي جديدة إلى أن تنضج الفراشة جنسيا وتصبح مؤهلة للتزاوج فيتم التزاوج لتضع البيض وتموت نافية النفي).
   نفهم تلك الفكرة من خلال المعادلة الكيميائية لمركب الماء، فإنه نتيجة التغير النوعي فقد انتفى الهيدروجين والأكسجين ونتج مركب جديد يختلف عن نوعيهما وهو الماء، الذي سوف يتصارع مع ضده ونقيضه في وحدة واحدة، وينتج عن ذلك تغير نوعي نتيجة التراكم الكمي يؤدي إلى نفي الماء الذي نفى الهيدروجين والأوكسجين!! والأمثلة لنفي الماء كثيرة مثل تحول الماء إلى مادة سائلة أو غازية ... ومما سبق في مثال مركب الماء نرى أن الهيدروجين والأوكسجين تصارعا في وحدة واحدة (وحدة صراع الأضداد). طرأ تغير نوعي يختلف عن الهيدروجين والأوكسجين وهو "الماء" نتيجة التراكم الكمي (تحول الكم إلى نوع). الماء نفى الهيدروجين ونفى الأوكسيجن وسوف ينتفي الماء بمجرد دخوله في صراع الضد في وحدة واحدة (نفي النفي).
*إشكالية المعرفة
·       المعرفة هي المعرفة الواقعية فحسب.
·       المعرفة نسخة من المادة ومجرد انعكاس لها.
·       لا يمكن أن نتج المعرفة إلا بقانون التناقض.
·       معرفة العالم ليست مستحيلة.
·       الإنسان يعرف بما له من حواس وما اكتسبه من وسائل تكنولوجية.
·       أن المعرفة يتحكم فيها التاريخ والاقتصاد.
·       المعرفة لا يمكن أن تتطور إلا بإحداث قطيعة مع المثالية وكل صور الميتاقيزقا.
*إشكالية النفس
        مجرد جسم مادي شفاف منعكس مثلما تنعكس صورة الجسد على مرآة.
        الشعور لا يمكن أن يوجد بدون جسد.
        الشعور معطى ثاني.
        المادة هي التي تحرك الشعور وليس العكس.
        التقدم الاقتصادي هو المحدد لهوية الذات.
        المنعكس الشرطي هو المحدد للسلوك.
*إشكالية القيمة
        القيم مجموعة من الأحكام المتغيرة.
         القيم نتاج الصراع الطبقي، فلكل طبقة أخلاقها الخاصة.
        البرجوازية هي التي تصنع القيم.
        الدين مجرد ظاهرة اجتماعية.
        الخير هو كل ما يحقق المصلحة البروليتارية والشر هو كل ما يقف أمام مصالح الطبقة الكادحة في العالم.
        علم الجمال هو علم البرجوازية، وهو لا يحمل قيم الطيقات الكادحة.
        الاقتصاد لا يحمل قيم العمل بل قيم المنفعة والاستلاب.
*إشكالية التطور
تعتمد المدرسة الماركسية على خطيين متوازيين، الخط التاريخي والخط الجدلي الفلسفي لتوضيح وترسيخ نظريتها….
أولا-المادية التاريخية.. حيث فسر ماركس وحلل الظروف التي مرت بها البشرية في الماضي وستستمر بها في المستقبل منذ الخليقة إلى أن ينتهي التاريخ وهي:
1-المشاعية (الشيوعية البدائية) لا طبقات.
2-العبودية (الأسياد والعبيد).
3-الإقطاع (الإقطاعيون والفلاحون) طبقتان وهم البرجوازيين الذين أسسوا المدن والفلاحين وأتباعهم.
4-المرحلة الرأسمالية (الرأسماليون يملكون وسائل الإنتاج / البلوتاريا لا يملكون وسائل الإنتاج) طبقتان وهي آخر مرحلة من طبقتين.
5-الاشتراكية لا طبقات (كل شيء مملوك للدولة).
6-الشيوعية وهي المرحلة الأخيرة لا طبقات، لا دولة، لا أسرة. الكل يحكم والكل يملك.
ثانيا-المادية الديالكتيكية (الجدلية) وهو الخط الثاني للفكر الماركسي الكلاسيكي
وتأثر ماركس بهذا الاتجاه من خلال الفيلسوف الألماني هيجيل وفيورباخ.
  تُقسم البنية الاجتماعية إلى بنيتين، الأولى بناء تحتي يتمثل في الاقتصاد(قوى الإنتاج العمالة وهم الآلة وعلاقات الإنتاج بين مالكي وسائل الإنتاج وقوى الإنتاج) الثاني البناء الفوقي وهي النظم الأخرى بالمجتمع كالقيم والدين، وينعكس هذا التقسيم على المجتمع من خلال تقسيمين المتمثلين في وجود طبقتين (الرأس ماليين والعمال) وهناك صراع بينهم بناء على فائض القيمة.
*إشكالية نهاية التاريخ
        تعميم الملكية العامة.
        فناء البرجوازية.
        سيطرة الدولة الإشتراكية.
        زوال الدولة.
        زوال الأسرة.
        تجسيد الشيوعية.
* نهاية التاريخ ( قانون نفي النفي)
·       الخلاصة
        لم تكن المادية إلا رد فعل ضد الفلسفات الأكثر تطرفا في الجانب المثالي.
        القول بالمادة لم يقدم المعرفة بل آخرها عقودا من الزمن.
        بالغت في تقدير قوة العمال .
        جردت الإنسان من العواطف والروحانيات.
        حملت بذور فنائها في ذاتها باعتبارها وحدة.
        أنتجت معرفة دوغمائية استعملت كغطاء إيديولوجي للقهر والاستبداد.

هناك تعليقان (2):

  1. بارك الله فيك استاذى احد تلميذك لسنة الحالية

    ردحذف
  2. هل المدرسة الماركسية هي المادية

    ردحذف