الجمعة، 14 ديسمبر 2018

الأساس الأسطوري لنهاية التاريخ

الأساس الأسطوري لنهاية التاريخ
عبـد القـادر بـوعـرفـة
 مجلةInsaniyat / إنسانيات 
11  | 2000

مقولة "نهاية التاريخ" ليست وليـدة العصــر، بل هي قديمة قدم الإنسـان ذاته. الإنسان الأول من الوجهة الأنثربولوجية اعتقد وآمن بفكـرة نهاية العالـم التي ترتبـط بالتاريخ. ولم تكن النهاية تتعدى عنده اليوم أو الشهر، بل ارتبطت من حيث الفكرة بالساحر والمنجم، ولعبت النبوءة دورا بارزا في بلورة هذه الفكرة.
كما احتضنت أساطير الشرق فيما بعد، بقوة هاجس النهاية؛ فجلجامش يعتقد حصولها حين أكل نبتة الحياة، فيما تربطها الأسطورة اليونانية بالفعل الإنساني كما تعكسه أسطورة هيركيل والأعمال الاثنتا عشر.
وتدخل في الفكر الفلسفي مقولة نهاية التاريخ ضمن الأنساق الفكرية كمبدأ وغاية. فالفيثاغورية تربط نهاية التاريخ بالعدد ومبدأ الكثرة الذي يكون الكم المتصل والكم المنفصل.
أمّا أفلاطون فيرسي نهاية التاريخ على طرفي الجدل الصّاعد والنــازل، وانتصار المثال عـلى الشبح، والفكرة على المادة، والخير على الشر...الخ. أمّا أرسطو فيرسم نهاية التــاريخ على قــاعدة القوة والفعل. فتحقيق السيــادة العالمية وأنسنة الأمم المتوحشة هي عنده الغاية من التاريخ كأحداث، لذا دفع الإسكندر المقدوني إلى فتــــح العالم القديم وفق هاجس التعالي والجمع بين حكمة أثينا وقوة إسبرطة.
5لدى الفكر الديني كم ارتبطت فكـــرة نهاية التاريخ دوما بانتصار مبــدأ الخير على الشـر، وقيام مدينة الأخيار على أنقاض مدينة الأشـرار. ونلاحظ ذلك جليا في "مدينة الإله" للقديس أغسطينوس (Saint Augustinأو "آراء أهل المدينة الفاضلة" للفارابي.
ونجد في الفلسفة الحديثة تجلى فكرة نهاية التاريخ وبخاصة في الفلسفة المثالية الألمانية عند هـيجل (F. Hegel) الذي بناها على مبدأ الديالكتيك الذي ينتهي باتحاد الأنا المتفوق بالعقـل في أكناف دولة العقـل1.ومن خلال التوطئة السابقة حاول فوكو ياما أن يقدم عملا نظريا، حول نهاية التاريخ والرجل الأخير.
إن مقولة نهاية التاريخ لم تكن نظرية فلسفية بحته، بل كانت لها جذور في الفكر الأسطوري الشرقي والغربي على السواء، لذا نطرح الإشكالات التالية:
ما الأساس الأسطوري لنهاية التاريخ كمقولة أو كفكرة؟ وفيما يتجلى الحضور؟ وهل يمكن أن نؤسس مقولة على قاعدة أسطورية؟ وهل غاب الإيديولوجي وحضر المعرفي أم أن العكس صحيح؟ وكيف يجب أن يتعامل العقل العربي مع مقولات النهاية؟ أم أن كل قول بالنهاية هو إقرار بالبداية؟
الأسطورة (Mythe) لفظة غير عربية على الأرجح تدل على الخرافة أي القول الذي لا صلة له بالواقع. ويعتقد دارسو اللغة أن أصلها فارسي، غير أن البعض يردها إلى اللغة العربية ويجعل اشتقاقها من الفعل الثلاثي سطّر بمعنى دوّن أو ألّف الخبر العجيب، وعليه فالأسطورة لغة هي التي تحمل سمة العجائبية. أمّا اصطلاحا، فهي تمثلات المخيال الثقافي، الذي ينبثق من صـراعات اللاّوعي البشري، كما يحاول، أن يعرفها غوستاف يونغ (K.G. Jung). وإذا كان يـونغ يربطها باللاّشعور الجمعي، فإن جورج سوريل (G. Sorel) ينظر لها على أنها تمثلات الوعي البشري أو بالأحرى الوعي الاجتماعي. أما كلود ليفي شتراوس ((C.L. Strauss فإنه ينظر لها من خلال البنية المزدوجة التاريخية واللاتاريخية.
ولخص الدكتور خليل أحمد خليل ما سبق في قوله «إن الردود الأسطورية بكل صورها، شكلت مرتكزا للفكر الغيبي، وكونت نوعا من العقيدة الكونية ومن ميتافيزيقية المطلق ومن فلسفات مثالية اقترنت بالسياسة والديانات»2.
ومن هنا تنشأ العلاقة بين الأسطورة وفلسفة التاريخ، باعتبار الأسطورة هي ثالث وجه لرواية الحدث التاريخي بعد الكتابة الحجرية والفن التعبيري(الرقص) (السحر). فالأسطورة كحقل فكري له خصوصياته لم يبرز للوجود إلاّ بعدما مهدت له فنون وعلوم، خاصة السّحر، الذي يعتبره أغلب من درسوا الفكر الميثولوجي على أنه حجر الزاوية في بناء هيكل الأسطورة. تصبح الأسطورة نفسها بعد ذلك إحدى أهم الممهدات للفكر الفلسفي، عندها نشأت علاقة بين الفكر الأسطوري والفكر التجريدي، يقول محمد عابد الجابري في السياق نفسه: «إذا كانت مرحلة السّحر قد مهدت لظهور الأسطورة، فإن هذه بدورها تمهد للفلسفة، وللفكر الفلسفي المتميز بالقدرة على التجريد والتعميم، والمنطقية والانطلاق من السببية والنقدية»3.
لعل هذا القول يحاول أن يبين العلاقة الموجودة بين الأسطورة والفلسفة والتي لا يمكن أن تنفصم بتباعد الزمان. فزمانية الأسطورة غير متوقفة عند نهاية معينه، بل زمانتيها تجري مع كل نهاية، لتجعل من النهاية بداية أخرى، ولقد عبر عن هذه الحقيقة عزيز العظمة حين قال: «...تجري في زمانية أسطورية تؤكد أسطوريتها وخرقها للعادة بالوحدات القياسية التي تستخدمها»4.
 والوحدات القياسية التي تحكم السياق السردي في الأسطورة، تشكل الرابطة أو الصلة بين حلقتي التاريخ: البداية والنهاية. ففلسفة التاريخ حاولت أن تضع البدايات الأولى للتاريخ، معتبرة ان الحدث البشري لمّا أصبح محكوما بالغاية أصبح حدثا تاريخيا. أما الفكر الديني فإنه يجعل من خطيئة آدم بداية التاريخ، كما يجعل من نزول المهدي المنتظر أو المسيــح معلما لنهايته، في حين يرى ماركس أن بداية التاريخ بدأت حين قال الإنسان: هذا لي (ملكي)، وسينتهي حين يقول: هذا لنا (شيوعية الكل).
إذن الأسطورة مرتبطة بالتاريخ، ارتباطا عضويا، ويقول عزيز العظمة في هذا المجال: «فالتاريخ ليس إلا تلك الصّلة الدّنيوية بين البداية والنهاية»5.
لكن ما الدافع إلى إعادة تشكيل الأسطورة كخطاب معرفي في عصر ذروة العلم؟
عودة الأسطورة إلى الحقول المعرفية في أواخر القرن العشرين له ما يبرره. فالأسطورة تـحمل الفرض العلمي الذي يتحول إلى موضوع للمعرفة من باب الممكن. فالاستنساخ-مثلا- احتضنه المتن الأسطـوري قبل أن يثبته المخبر العلمي.
إن إشكالية مستقبل الإنسان والمجتمع هي التي جعلت الأسطورة تعود من جديد لكي تؤسس خطابات بعضها إيديولوجي والآخر معرفي .و نستشف ذلك من خلال ما أكده سير إدوارد كار في قوله :» ليس أحد مضطر للإيمان سواء بمستقبل التاريخ أو بمستقبل المجتمع، ومن الممكن أن يتعرض مجتمعنا للتدمير أو يهلك نتيجة عملية تعفن بطيء، وإن التاريخ قد يرتد إلى وضعية الثيولوجيا-أي إلى دراسة الفرض الإلهي بدلا من دراسات الإنجازات الإنسانية الأولى-أو إلى الأدب أي سرد الروايات والأساطير »6
إن المجتمعات الاستهلاكية ذات البعد الواحد، لما استنفذت الحكمة من حضارة الطين، لم تجد بدا من الرجوع إلى الأساطير لتؤسس إيديولوجية التفوق، وتصنع من فكرة النهاية لحـظة الولادة الجديدة7. إن مقولة النهاية سلـوك سحــري، يلعب اللاّشعور الجمعي الـدور البارز في تشكله. فكلنا نضع للتاريخ نهاية ونرسم الرجـل الأخير. إن الطقوس التعبدية والرموز الثقافية حبلى بفكرتي النهاية والبداية. يقول مرسيا إلياد:» الإنسان إذ يشترك طقسيـا في" نهاية العالم" وفي تجدد خلقـه يصبح معاصرا له ذلك الزمان، وبالتالي يولد ولادة جديدة، ويعود إلى بداية وجوده مع ذلك الاحتياطي من القوى الحيوية، دون أن يمسها شيء، مثلما كانت في لحظة ولادته»8.
إن ولادة الإنسان الرمز في المجتمعات الأكثر تقدما، تحاول أن تتجدد مع ولادة الكون سنويا، وأن تخلق لنفسها مجالا حيويا يسع انتشار مخيالها الثقافي لذا تترابط ثلاثة عناصر أساسية: الإنسان/ الزمن/ العالم.
ومن أجل دراسة نموذج حي، يعكس حضور الأساس الأسطوري في مقولات النهاية، اخترت كتاب فرانسيس فوكو ياما)) (The end of history and the last man) نهاية التاريخ والرجل الأخير ((الذي يحلو للبعض ترجمته بخاتم البشر.
لم يكن الكتاب في بدايته سوى زمرة من المقالات صدرت في بداية الثمانينات، لكن السلطة الأمريكية استطاعت أن تخلق لها جوا مشحونا، أكسبها الرواج والانتشار.
ومن ثمة شغلت الناس وخاصة النخب المفكرة التي انقسمت إلى ثلاثة أقطاب:
1.    القطب المؤيد: يرى أن ما قدمه فوكو ياما يتطابق مع حركة التاريخ، وأن العالم فعلا يتجه نحو نظام عالمي جديد، تنصهر فيه كل النقائض، وسيتحقق بفعل الدّمقرطة كهدف والأمركة كحافظ (حارس).
2.    القطب المعارض: يرى أن الكتاب لا يغدو أكثر من كونه مجرد مشروع مفبرك، يتخذ شكل» سندويتش أمريكي» على شاكلة «حرب النجوم» التي ابتدعت في عهد رونالد ريغان9، أو فكرة «سد الفراغ» التي ابتكرها هاري ترومان10. إن نهاية التاريخ مجرد مقولة تتأرجح بين الثيولوجي والفلسفي، بنيت على أساس دياليكتيكي مستوحى من فلسفة كانـط (Kant) وهيجل والتي تستمد جذورها من الفلسفة الأفلاطونية والمسيحية.
3.    القطب المتذبذب: لم يتخذ موقفا من المؤلف والمؤلف. وحضوره سيكون على هامش البحث.
وإذا كان كتاب فوكو ياما أحدث جدلا واسعا في أوساط الأنتلجنسيا العالمية فإن النقد والحفر في طبقات نصوصه تكشف عن معالم اللاّعلمية، وحضور الإسقاط الإيديولوجي المباشر، الذي جعل من الأسطورة مولجا لعالم الأفكار والأنساق الفلسفية الكبرى، وفي هذا الصّدد سأحاول وضع بعض المراجعات، معتمدا على عمل أركيولوجي، حافرا في طبقات النّص الفوكوي، قصد استنطاق اللاّمنطوق.
أشرنا سابقا إلى كون فكرة نهاية التاريخ ليست جديدة، بل قديمة قدم الإنسان نفسه، تتجلى بشكل واضح في الفكر الميثولوجي، لأن البحث عن فكرة الاعتراف بالكمال (ثيموس أنتلانشي) [Thymmos entelenche] تتخذ معنى البحث عن نهاية التاريخ.
الحضارة الميزوبوتامية، تقدم جلجامش كنموذج عن الإنسان الشرقي المتطلع للكمال. إن البحث عن نبتة الحياة، إنما هو تعبير عن رغبة نيل الخلود، والقضاء على الموت، لأن اكتساب صفة الأبدية هو في ذاته إعلان عن نهاية التاريخ.
إن جلجامش حاول أن ينهي التاريخ، لمّا وجد نبتة الحياة، لكنّه سرعان ما ييأس، لمّا أكلت أفعى الثرى النبتة، ويعبر عن فشله بالبكاء على ضفاف البحيرة:
رأى جلجامش، بركـــــــــــة ماء
نزل فيها واستحــــــمّ بمائــــــــــــــها
فتشممت الحية رائحــــــــة النبتة
تسللت صاعدة من الماء، خطفتها
وفيما هي عائدة، تجدد جلدها
وهنا جلس جلجامش وبكى11
إن هذا المقطع من ملحمة جلجامش يصور بوضوح فشل جلجامش في تحقيق مبدأ الاعتراف بالكمال والخلود، فيما نرى أن الأفعى هي التي تفوز بالنبتة وعندما تأكلها يتجدد جلدها إعلانا عن اكتسابها الخلود-الأفعى التي ترمز إلى الموت-.
أما الأساطير الهندية فإن أغلبها يصب في فكرة اتحاد الأرواح الخيرة في روح واحدة تمثل النـور، تتحد الأرواح الشريرة مع بعضها مكونة روحا شريرة تمثل الظلمة، ويحدث صراع بين النور والظلمة، وينتصر آخر الأمر النور. وبالتالي ينتهي الحدث التاريخي كـــروح وكغاية. وتصور أسطورة هنغنتاري محاولة هذا الأخير الوصول إلى ماء الخلود عن طريق التصوف باعتبار هنغنتاري حامل لروح الأحياء.
يؤمن الفكر الشرقي عموما بفكرة نهاية التاريخ، لكنه لا يفصح عنها إلاّ في متون الترانيم، ذات الطابع الميتافيزيقي والأخلاقي.
كما آمن الفراعنة بفكرة النهاية، لأن الموت هو نهاية الزمن البشري وبداية السّرمدية أي اللاّزمن، فالفرعون يمثل الخلود، حتى في حالة موته لا يعتبر موته فناءاُ بل وجها آخرا للخلود.
ولذا كانت العقائد الوثنية الفرعونية، تؤكد في طقوسها على ضرورة دفن الفرعون مع ماله وخدمه وحشمه في أهرامات مميزة، معتقديـن أن الموت مجرد حلقة بين الفرعون كنصف إلــه والفرعون كإله12.
وفي هذا الصدد أكدت الأساطير اليونانية على مقولة وفكرة نهاية التاريخ والعالم، ثم جاء الخطاب الفلسفي ليعطي لها أبعادا ومميزات جعلت من الفكرة قاعدة ومبدأ لكل خطاب مـيتافيزيقي أو ثيولوجي. وهكذا فإن أفلاطون في محاوراته استعمل الأسطورة كبرهان وبيان، ووظّف المفاهيم الميثولوجية توظيفا مثاليا. فهو يجعل من نهاية التاريخ حتمية ديالكتكية، تحدث عندما يختفي «الشبح» ويبرز» المثال» متعاليا عن كل ما هو مادي، إن نهاية التاريخ لا تكون بالحرب - كما يعتقد أهل اسبرطة - بل تتم عندما يحدث التطهير الذاتي المبني على مبدا التأمل العقلي الخالص، والجدل الصاعد والنّازل. فالدّيالكتيك هو صعود أو تقدم نحو الـكمال، عندما يصل إلى نقطة الاكتمال يتحد الفرد مع الجوهر مشكلا المطلق الذي هو الخير، يقول فتحي التريكي في هذا الصدد: «فالديالكتيك هو الصعود الذي يصل بنا درجة فدرجة إلى معرفة الجوهر في حدّ ذاته، نعني الخير المطلق»13.
أمّا أرسطو طاليس، فيجعل نهاية التاريخ حتمية اجتماعية، مبنية على قاعدتين الأنا المتعالية والتي يمثلها المواطن الأثيني فقط، علما أن الإنسان خارج حدود أثينا يمثل اللإنسان أي التوحش والبربرية.
والقاعدة الثانية، مؤسسة على القوة التي تتجلى في الحرب العادلة التي تهدف إلى أنسنة المتوحش.
وبناء على ما سبق فإن أرسطو جعل من الإسكندر المقدوني النموذج الذي يحقق فكرة نهاية التاريخ، وأغرقة (نسبة إلى الأغريق) العالم القديم مثلما يحاول الساسة الأمريكيون اليوم فـعله أي أمركة العالم. إن غزو الإسكندر للعالم القديم كاد أن يحقق أهدافه لو لم يمت الإسكندر في الثلاثين من عمره.
وبعد محاولة اليونان لإنهاء التاريخ جاء دور الرومان وقد داعبهم حلم رومنة العالم عن طريق القوة ومبدأ السيادة على الأرض، غير أن ظروفا اجتماعية وأخرى كونية منعت الرومان من تحقيق مقولة «الأرض للرومان» ذكرها مونتسكيو في كتابـــه «أسباب عظمة وانحطاط الرومان».
أما الديانة اليهودية، فنهاية التاريخ مرتبطة لديها بفلسفة التفوق المؤسسة على قاعدة ثيولوجية «الاصطفاء الإلهي» وبالتالي برزت مقولة شعب الله المختار.
إنّـه تعال جمعي لعرق يعتقد في ذاته الصفوة والخيرة، وبالتالي إن الأرض لم تخلق إلا للشعب اليهودي، وأن نهاية التاريخ قائمة على مبدأ تحقيق العالمية اليهودية، وفق الوعد الإلهي، والعالمية اليهودية تتجلى كحقيقة في مملكة إسرائيل الكبرى. إن هذا الهاجس التاريخي، جعل اليهود على مر الزمان بؤرة الحدث التاريخي، ولعل هتلر لم يكن مدفوعا إلى التنكيل باليهود إلا لكونهم أكثر حضورا في التاريخ البشري (·).
أما المسيحية فتجعل فكرة نهاية التاريخ مرتبطة بفكرة الخلاص التي تحدث فقط عندما تتحد الأقانيم الثلاثة مشكلة المطلق14.
وفي الفكر الإسلامي، فكرة نهاية التاريخ تتبلور في تيارين: السني والشيعي.
ينطلق الفكر السني من فكرة التمكين لله، وتجسيد مقولة «أنتم الأعلون»، والاستعلاء لا يتحقق إلا بالفتح وقواعد الفتح تتضمن ثلاث حالات:
1.    الإسلام: ذوبان الفرد في الفكرة. (محاولة دحض النقائض).
2.    الجزية: إعلان الولاء للأقوى(السيادة)
3.    القتال: نزع الاعتراف بالتفوق والاستعلاء من الآخر (أسلمة العالم).
إن خروج الجيوش الإسلامية في كل الاتجاهات، لم يكن في حقيقته إلا محاولة أسلمة العالم، وتحقيق العالمية الإسلامية، لم يكن الدافع أو الباعث المعلل على الفتح عرقيا بل عقائديا، قائما على ثنائية النصر أو الشهادة، وكلاهما يترجم مقولة النهاية.
إن النصر هنا هو تعبير عن قمع الآخر، أي القوة المعارضة والفكرة النقيضة، وعندما ينتفي النقيـض والمعارض يدل ذلك دلالة قاطعة على انتصار الفكرة وبالتالي إعلان عن نهاية العالم والتاريخ والإنسان وبداية العالم الآخر الذي يمثل الخلود. وما الشهادة لإنها تعني الخلود لأن شهيد الفكرة حي يرزق15.
أما الطرح الشيعي فتتجلى نهاية التاريخ لديه في نظرية الإمامة على الخصوص. فالإمام المغيب هو الذي يحقق نهاية التاريخ، وأن التاريخ ما هو إلا في نطاق محنة الانتظار.
إن حضور الإمام المنتظر ما هو في حقيقة الأمر إلا إنهاء للشر والقضاء على مجتمع الأشرار، والإمام كما ترويه الأساطير الشيعية على الخصوص يحمل كل مقومات القوة والقدرة لتغيير العالم.
إن العالم لابد أن ينتهي عند نقطة ما، يسود فيها الخير المطلق من جدلية» ما ينبغي أن يكون من معكوس ما هو كائن»، فالإمام المعصوم والمنتظر في نفس الوقت مؤيد، واستعلاؤه حتمية، وانتصاره مسلمة، وعالميته قضاء وغاية. ونهاية التاريخ عند الشيعة مرتبطة بالرجاء لا اليأس، فالمعذبون في الأرض سيحققون الاستعلاء حتما.
في الفكر الحديث، حاول الإنسان الغربي، بسط أناة والبحث عن العالمية الثانية للإنسان الغربي، إن مقولة بوسييه (Boussuet) تجسد ذلك:» لم تخلق الأرض إلاّ للإنسان الأبيض».
إن الغزو الأوربي للعالم، والذي اتخذ في البداية سمة الاكتشافات الجغرافية، كان نابعا من بعدين: بعد ديني وآخر سياسي اقتصادي. كما لعبت الأسطورة دورا بارزا في دفع رواد الاكتشافات إلى الإبحار نحو عوالم مجهولة. فأسطورة ماء الحياة أو النبع الخالد، كان لها الدور البارز في تفعيل حركة الغزو الأوربي.
إن أسطورة ماء الحياة هي أسطورة ذات أصول شرقية ويونانية، وقد اعتقد اليونانيون أن جوفنس العذراء تحولت من عروس المياه إلى ينبوع الماء الخالد، وكل من شرب منها سترجع شبابه واكتسب الخلود، كما نلاحظ أن أسطورة كورنيس تحمل نفس المعالم.
إن أغلب المكتشفين الأوائل أمثال كوك، وأمريكوفسبوتشي تملكهم هاجس اكتشاف ينبوع جوفنس أو كورنيس16.
وينطلق هيجل في القرن الثامن عشر، من فكرة أن الصراع يقع ضمن مجال الأفكار، فكل فكرة لها نقيض. وأن التاريخ لا يتجلى كأحداث إلا في حركة الفكرة والنقيض. ونهاية التاريخ عند هيجل نفسها ترتكز على مبدأ مسيحي، فهيجل يرى أن نهاية التاريخ حدثت مرة في التاريخ، لما تجلى الإلــه (الأقنوم الأول) في الإنسان الذي جسده المسيح (الأقنوم الثاني)، وأنه سيحدث للمرة الأخيرة عندما يتحد الإله مع العرق الآري المتفوق، عندئذ نصل إلى إدراك المطلق داخل نطاق الدولة17.
في هذا الموضوع بالذات يقول مرسيا إلياد: «هيجل يعود فيتناول الإيديولوجية اليهودية المسيحية ويطبقها على التاريخ العالمي في مجمله، الروح العالمي يتجلى باستمرار في الحوادث التاريخية، ولا يتجلى إلا في هذه الحوادث، التاريخ يصبح في مجمله ثيوفانيا (تجليا إلهيا)»18.
أما في الحقبة المعاصرة، نلاحظ أن هيتلر حاول أن يجسد الحلم الألماني، ويحقق نهاية التاريخ وفق مبدأ نزع الاعتراف بالقوة والحرب الكونية، ويجعل نفسه نابليون أوربا الثاني، وبدل أن يمتطي صهوة جواده الأبيض19، يمتطي دبابته المدرعة.
وتحاول أمريكا كقطب سياسي واقتصادي في أيامنا هذه أن تحقق فكرة نهاية التاريخ من خلال مشروع «النظام العالمي الجديد». فالعولمة والدمقرطة والأمركة كلها معاني تصب في محاولة تحقيق التفوق المأخوذ بقوة الاعتراف، أي وفق ما يسميه أفلاطون الثيموس (Thymos).
وبعد هذا العرض التاريخي لمقولة نهاية التاريخ، نعود إلى موضوعنا الأساسي، والمتمثل في استخلاص الجانب الأسطوري من حنايا كتاب فوكو ياما (نهاية التاريخ).
يرتبط الصراع في الفكر الفلسفي والديني على العموم بالخير والشر كقيمتين متعارضتين. يؤكد كارل ماركس نفسه في هذا الاتجاه أن الصراع نشأ حين قال الإنسان: هذا لي، من هنا ابتكر الخير والشر.
وإذا كان الشر في أغلب الفلسفات العالمية هو أصل الحوادث، فإن فلاسفة اليونان لم يخرجوا عن هذا السياق. إذ يعتقد أفلاطون أن الثيموس مجرد رغبة غضبية، جامحة ترمي إلى نزع الاعتراف بالقوة، من منطلق أن النفس الغضبية تسعى دوما إلى انتزاع التفوق من الآخر، يقول فوكو ياما محللا ما سبق:» ثمة جانب مظلم للرغبة في نيل الاعتراف جعل الفلاسفة يرون في الثيموس المصدر الأساسي للشر بين البشر»20
إذن ففوكو ياما يحاول أن يؤسس مشروعه من خلال التناص مع الأسطورة، فالأسطورة تتخذ شكل الدليل الافتراضي.
إن الثيموس يتجلى في مبدأين: الميجالوثيميا والأيسوثيميا، وهما قيمتان متعارضتان. فالأولى تجنح نحو قوة غضبية عارمة، ترغب في نزع الاعتراف بالقوة وبالتالي تبدو أكثر شرية لارتباطها بالتعالي المفرط واحتقار الآخر.
إن الميجالوثيميا نوع من "جنون العظمة" تصيب خاصة الأنوات الأكثر بارانوياكيه. لقد حاول فرانسيس فوكو ياما أن يعممها على كل أنشطة الإنسان21. فعلاقة الرجل بالمرأة لا تخرج عن الميجالوثيميا، إنه عندما يغازلها أو يعاكسها، يريد أن يمتحن موقعه "كأنا" بالنسبة لها كآخر مؤنث. فإن استمالها يشعر بالتفوق خاصة إن حدثت منافسة على "هي». و"هي" نفسها ترغب أن تنتزع الاعتراف من الآخر المذكر "هو"، وأن معيار التفوق يختلف بين "هو" و"هي"، فهي تتخذ من "الجمال" كقيمة للاعتراف، وهو يجعل من "القوة" معيارا. وهكذا يعتقد فوكو ياما أن العلاقة الجنسية في حد ذاتها تجلّ واضح لنزعة الثيموسية، إن افتراش الرجل للمرأة هو انتزاع شهادة التفوق أكثر مما هو إشباع للرغبة الجنسية. إن الثيموسية في جانبها الميجالو، غايتها القصوى الشمولية، لذا فإن الليبيرالية الديموقراطية عند فوكو ياما غايتها الكبرى والفضلى هي الوصول إلى نظام شمولي.
إن النزعة الثيموسية الأكثر جنونا وشرية، تمثلها أسطورة لينتيوس، التي يحاول فوكو أن يسقط نموذجها على أمريكا، الدولة الأكثر ميجالوية، والمنتصرة دوما على أعدائها، منتزعة الاعتراف بالتفوق من الأنظمة الأخرى رغم وجود العوائق الكثيرة التي تقف أمام رغبتها الجامحة.
إن الثيموس الخرافي نجد حضوره متجليا في شخصية لينتيوس، يتحول في الفكر الديموقراطي إلى خير وبراغمه، نتيجة اعتقاد فوكو أن نظام دمقرطة العالم جعل من مبدئي الثيموس المتناقضين مبدأين متصالحين.
أما الثانية: الإيسوثيميا فهي نزعة تسيطر على شعـــور المستضعفين خاصة، ولذا نـرى هيجل يبرزها في جدلية العبد والسيد أو في قصة "التاجر" لهيجل نفسه. يقول فوكو ياما مـحللا رأي هيجل «يستعيد العبد في الواقع إنسانيته التي فقدها بسب خوفه من المـوت العنيف، بواسطة العمل، في البدء يجبر العبد على العمل من أجل إرضاء السيد بسبب خوفه الدائم من الموت»22.
وبالتالي يعمل المستضعف على نزع الاعتراف بالتساوي والنّدية، ومنه يصبح الإيسو مطلبا شرعيا في خطابات الثورات العالمية، إن آدم في الجنة دفعه الإيسو إلى مخالفة الإله (الله عند المسلمين) والأكل من الشجرة الممنوعة (عند البابليين واليونانيين، شجرة المعرفة)، والغاية من هذه الرغبة نزع الاعتراف بالتساوي مع الإله.
إن الإيــزوثيميا غالبا ما يتخذ قيما أخلاقية، كالكرامة، الاحترام، "احترام الذات"، و" تقدير الذات " والمساواة، العدالة، إلخ. وكلها كما يقول نيتشه (F. Nietzs‎‎che) قيم جوفاء وصنعها الضعفاء ليحدو بها من قوة الأسياد23.‎‎‎‎
وبعد هذا العرض الوجيز للمبدأين السابقين، نلاحظ أن فوكو يحاول أن يتجاوز الأطروحات السابقة لكي يصالح بين مبدأي الثيموس (الميجالوو الإيزو)، وأن التاريخ في رأيه لا يعرف غايته ولا نهايته إلا في تصالحهما. إذ يصبح الاعتراف بالتساوي مساويا للاعتراف بالتفوق، عندما يسود العالم نظام أمثل، يتجلى في النظام الشمولي الليبرالي، الذي يجهز على إمبراطورية الحقد24.
وإذا كانت الأسطورة الأولى، تترجم المبدأ الأكثر شرية في الثيموس، فإن أسطورة برومثيوس تمثل الجانب الآخر أي الإيزوثيميا. إن برومثيوس يحاول أن ينتزع الاعتراف بالندية من الآلهة، والطريق إلى ذلك يتمثل في سرقة النار من مجمع الآلهة. والعمل البطولي لبرومثيوس أخذ العقل البشري من دائرة العجز إلى دائرة الخلق والسلطة.
إن هاجس الاعتراف بالتساوي، نجده في كل الأساطير العالمية. إن الإنسان في جل الأساطير يتحول إلى بطل ثم إلى نصف إله.
إن هذه التراتبية تؤكد مسعى الإنسان في إيجاد صيغ تحقيق النّدية أو على الأقل الاعتراف بالتساوي من قبل الآلهة، كما نجدها في متون أسطورة كاليغولا أو هيركيل.
إن الأسطورة كحقل معرفي، تعبر في أغلب أشكالها عن الجانب اللاعقلاني، وبما أن الثيموس قوة غضبية، إذن فهو مفارق للعقل وليس منه، وهذا ما أكده فريد هاليدي في قوله: «في الإغريقية الكلاسيكية تعني كلمة التيموس الغضب أو الشهوة، وهي ملكة تخص الحيوانات والخيول المفعمة بالحيوية.»
إن مفارقته للغــوس جعـل أفلاطون يحكم العقل ويقدسه، وبالموازاة نلاحظ فوكو ياما يحكم النظام الليبرالي الذي يراه الوحيد القادر على المصالحة بين المبدأين المتناقضين.
إذن فالتاريخ منذ أن بدأ مع "الإنسان الأول" إلى أن ينتهي مع الإنسان الأخير (نهاية كغاية وليس كحدث) باعثه المعلل هو الثيموس أي اللاّعقل. ومعنى ذلك، حسب التحليل السابق، أن الوعي التاريخي يتضاءل ما دام يحركه اللاشعور أو التيموس. فهل يقبل مجتمع العقلاء، أن يكون تاريخهم المجيد والتليد عبارة عن تاريخ الّلاعقل؟!
إن ما نستنتجــه آخر الأمر، هو أن فكرة نهاية التاريخ مبنية أساسا على الفكر الأسطوري.
ومن منظور فلسفة التاريخ فهي فكرة تغيّب العقل والوعي، ثم هي تجعل غاية التاريخ مرتبطة بتحقيق شهوة عقيمة يميلها الثيموس القوة الغضبية في الإنسان.
فهل تقبل الأنتلجنسيا الّلاغربية أسطورة دمقرطة العالم وأمركته؟
وهل نقبل أن يكون الرجل الليبرالي الرجل الأخير؟
إن نهاية التاريخ مؤسسة على اعتقاد غربي، حوصله فرانسوا شتاليه في العبارة التالية:
«إن نهاية التاريخ هي نهاية الآخر الذي يقاتل الأوربي»25.وبالتالي فنحن أمام اغتصاب جديد لمفاهيم التاريخ، وندخل في النزعة التأويلية المبنية على الإيديولوجيا الانقلابية، ولعل هذا ما نلتمسه في قول مطاع الصفدي:» واضح أننا أمام اغتصاب جديـــد لمفهوم التـــاريخ. وحركته ونهايته، يأخذ شكل التأويل، ليبني مشروعا إيديولوجيا في عصر تـم الاتفاق على وصفه بأنه عصر انهيار الإيديولوجيات»26.
إن محاولة تهييئ العالم وتبيئته لقبول وهم انتصار الغرب، لا يخرج عن محاولة اعتباطية للإنسان الغربي من أجل انتزاع التفوق الوهمي من الآخر. إن الآخر حتى في حالة انحطاطه سيتمسك باعتقاد كونه هو ذلك الرجل الأخير. إذن لا بد أن نحطم إيديولوجية التاريخ الموجه، وتندمج في التاريخ الحي الذي يصنعه الجميع.

  
Notes
· نتقد باروخ سبينوزا (B. Spinoza) الفكر اليهودي السياسي وخاصة مقولة "مملكة إسرائيل الكبرى" وأراد أن يستبدلها بنظام سياسي قائم على الحق الطبيعي رغم كونه يهوديا ولعله تفطن أن رغبة في التفوق لن تتحقق بمشاريع قديمة.
1 - محمود، عبد القادر. - الفكر الإسلامي والفلسفات المعارضة. - مصر، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط2، 1986.- ص.209.
2 -خليل، أحمد خليل. -مضمون الأسطورة في الفكر العربي. - بيروت، دار الطليعة، الطبعة 1 ،1986.-ص.ص. 48-49.
3 -نقلا عن: تركي علي الربيعو، الإسلام وملحمة الخلق والأسطورة، المركز الثقافي العربي، بيروت، الطبعة 1،1986، ص20.
4 -العظمة، عزيز. - الكتابة التاريخية والمعرفة التاريخية. - بيروت، دار الطليعة، ط1، 1983.- ص.125.
5 -المرجع نفسه. - ص.110.
6 -كار، إدوارد. - ما هو التاريخ؟ ترجمة ماهر كيالي وبتار عقل. - بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط2، 1980.- ص132.
7 -راجع قصة حي بن يقظــان لابن طفيــل كمثـــل.
8 - إلياد، مرسيا. - رمزية الطقس والأسطورة، ترجمة نهاد خياطة. - سوريا، دار العربي، ط1، 19، -ص.78.
9 -رونالد، ريغان (1911)، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ما بين 1981 إلى 1988، اشتهر بمحاولته بسط النفوذ الأمريكي على اغلب مناطق العالم، كما كان قبل ذلك ممثلا في أفلام «رعاة البقر»
10 -هاري، ترومان (1884-1972) تولى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الثانية، وتولى عهدتي1945 -1948 و1948-1953.
11 -نقلا عن بشير، زهدي. - (مقدمة في الميثولوجيا). - سوريا، مجلة المعرفة، العدد،197 1978.-ص.115.
12 -تاتون، رونيه. - تاريخ العلم. - ترجمة علي مقلد، الجزء الأول، الطبعة 01، 1982. - ص.
13 -التريكي، فتحي. - أفلاطون والديالكتيكية. - الدار التونسية لنشر، ط1، 1985.- ص.61.
14 - راجع: محمود، عبد القادر. -مرجع مذكور، المعطيات نفسها.
15 - أنظر الآية «ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون» (آل عمران 169.)
16 -بشير، زهدي. - مقدمة في الميثولوجيا. - مجلة المعرفة. - ص.27.
17 - ياما، فوكو، فرانسيس. - نهاية التاريخ. - بيروت، ترجمة مركز الإنماء العربي،1993.- ص.ص. 144، 145.
18 -إلياد، مرسيا. - رمزية الطقس والأسطورة. - ص.107.
19 -اعتبر هيجل، نابليون بونابرت هو الرجل الأخير، والذي ينتهي بعمله التاريخ، وأن الجواد الذي يمتطيه ما هو إلا الروح والعقل.
20 -ياما فوكو. - نهاية التاريخ. - بيروت، ترجمة مركز الإنماء العربي، 1993.
21 -ياما فوكو، نهاية التاريخ. - ص.174.
22 -ياما، فوكو، فرانسيس. - نهاية التاريخ. - ص.190.
23 -راجع كتاب نيتشه:" الإرادة هي القوة "Will zur machat"
24 -أنظر نهاية التاريخ. - ص.225.
25 -شتاليه، فرانسوا، هيجل. -سوريا، منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، ط2، 1976.- ص.200.
26 - المرجع الأسبق. - ص.15.

هناك تعليق واحد: