الأحد، 4 أغسطس 2013

سان أوغستينوس Augustinus

سان أوغستينوس  Augustinus [354 م/430 م ]
 ولد فيلسوف بونه وأسقف كنيسة هيبون سنة 354 م بمدينة تاحبيسة (سوق أهراس حاليا)،تقع جنوب مدينة عنابة (بونة).
لم تكن الأسرة منسجمة عقائديا، فالأب يدين بالوثنية عقيدة الأجداد بينما الأم تعتنق المسيحية التي بدأت تكتسح الشمال الإفريقي.
  إن الاختلاف الديني أثر على مسار أوغستين، فتقلب من مذهب إلى آخر في شبابه.
 تلقى علومه الأولى بمدينة مدار واش وقرطاجة، ثم ارتحل إلى إيطاليا أين تعمق في العلوم الرياضية والنظرية، واعتنق المانوية منتقدا الدِّيانات والعقائد الجديدة بما فيها المسيحية، ثم انساق وراء مذهب الشكاك رافضا كل مذهب وفكرة،وبعدها حدث له نوع من الاتزان الفكري.
 وعند انتقاله إلى مدينة روما احتك بأفكار شيشرون خاصة مؤلفاته السياسية – الجمهورية والفضيلة- . و في روما تمكن من دراسة الأفلاطونية الجديدة التي بدأت تفرض نفسها كمذهب فلسفي جديد يزاوج بين الطرح الأفلاطوني والمسيحية، ويتجلى في أعمال أفلوطين الإسكندري.
 وفي عام 388 م عاد إلى الجزائر و أعلن اعتناقه للمسيحية فكرا وسلوكا،وعُيّن أسقفا لكنيسة هيبون بعنابة سنة 391 م. أعجب بكتابات لوكيوس أبوليوس النوميدي خاصة كتابه (الدفاع).
 ونتيجة اتساع الاختلاف بين المتنصرين والوثنين عمد أوغستين إلى تأليف العديد من الكتابات أشهرها:
-         اعترافاتي   Les confessions.
-         مدينة الإله Cité de Dieu.
-         الحياة السعيدة.
-         الرد على قوداسيوس.
      تعرض في جل كتبه إلى المسائل التَّالية:
-         القضاء والقدر وإشكالية التسيير والتخيير.
-         المسؤولية.
-         المدينة الإلهية والبشرية.
-         العناية الإلهية.
    امتاز أوغستين بالخطابة وقوة التأثير في المستمع، كما كان شجاعا ومقداما جعل من مدينة عنابة قبلة للطلاب ومقاما للحكمة والفلسفة .
 استشهد دفاعا عن الجزائر ضد الاجتياح الوندالي في 29 أوت 430 م، عن عمر يناهز 76 حولا.

                                    الوقت

         ".. لقد سمعت أحدهم يقول لحكيم أن الوقت سوى حركة الشمس والقمر و الكواكب ، فما استحسنت كلامه .
         وإن كان الأمر فلما لا يكون الوقت حركة الأجرام كلها ؟؟ فلو أن كواكب السماء انقطعت عن المسير وظل دولاب خزان يدور فكيف إن صح زعمهم – نستطيع أن نقيس دوراته ونثبت أنها متساوية البعد أو التتابع ؟؟ تارة تسير ببطأ وطورا بسرعة ، أم كيف نعرف أن بعضها أطول من البعض الآخر ؟ وحين نشير إلى هذه الأمور ففي الزمن نشير إليها ، ألا نجد في هذه الألفاظ مقاطع طويلة وقصيرة ، لأن هذه تتجاوب في مدى وقت أقصر و العكس بالعكس؟ اللهم هب الناس أن يعرفوا ولو قليلا مما هو خاص بالأشياء الصغيرة و الكبيرة.
نجد في السماء علامات من كواكب ومشاعل سماوية تدل على الفصول و الأيام والسنين ، وهذا أمر لاشك فيه ، وأنا لا أدعي البتة أن الدورة التي يتمها الدولاب الخشبي تعني اليوم ، كما أن حكيمنا يتيه  في الضلال إن أنكر وجود الزمن في هذه الدورة ." الاعترافات :ص 256/257.
النصوص الموالية من معجم المؤلفات السياسية لفرنسوا شاتليه وآخرين.             
                    
                                               ما الشعب ؟

" ..إنّه تجمع عدد كبير من الكائنات العاقلة ،المتحدة من خلال مشاركتها المنسجمة في ما تحب. ..فمن أجل رؤية ما يكون عليه كل شعب ،يجب النظر  لموضوع حبه.
.... أفضل (الشعب) بمقدار ما يتفاهم حول أشياء أفضل ، وممقوتا أكثر بمقدار ما يتفاهم حول أمور ممقوتة أكثر" ص ،114.
            
                                         السّلام في المدينة

" ..إن سلام المدينة هو الوفاق الجيد و التنظيم بين المواطنين في الحكم والطاعة...
.. [ إن الطاغية] يكره سلام الرب العادل ويحب سلامه الخاص الظالم ، لكنه لا يستطيع بأي طريقة أن لا يحب السلام،لأنّه ليس هناك لدى أي شخص مثل هذا العيب المضاد للطبيعة، والذي يهدم حتى الآثار الأخيرة للطبيعة ." ص،115.
  

                                                 المدينة والحب
" ..لقد صنع حُبَّان مدينتين: فحبّ الذات لحد احتقار الله صنع المدينة الأرضية. وحب الله لحد احتقار الذات صنع المدينة السماوية ،الأولى تتمجد في ذاتها، والأخرى في الرب...
الأولى تسيطر عليها في رؤسائها أو في الأمم التي تخضعها، شهوة السيطرة، وفي الأخرى يقدم الناس لبعضهم بعضا بشكل متبادل الخدمة بدافع الإحسان ، الرؤساء بقيادتهم والرعايا بطاعتهم.

.... إننا ندعوهما ،في اللغة المجازية مدينتين أيضا ،أي مجتمعي رجال، الأول مهيأ مسبقا لأن يسود أبديا مع الإله، والآخر لأن يتلقى عذابا أبديا مع الشيطان.  " ص،115.    

هناك تعليقان (2):

  1. السلام عليكم أولا يا دكتور وبعد، لقد كان القديس أغسطين من أشهر الشخصيات التي عرفتها البشرية لا لشيئ في اعتقادي إلا لأنه ضبط جيدا ساعة المسيحية التي كانت تشكل آن ذاك أكبر ديانة من حيث الاتباع، فقد عاشت المسيحية أصعب أيامها في الفترة التي عاش فيها هذا القديس، لدرجة أن بعض القديسين من أمثال توماس الإيكويني وغيرهم شككوا في أهم عقيدة تجمع المسيحيين وهي عقيدة التثليث (الأب، والإبن، والروح القدس) طبعا نتيجة الشك الفلسفي كما أسلفت حضرتك، ولكن جاء موقف القديس أوغسطين ليقسم ظهر هذا الشك في العقيدة إلى القول بعدم الشك في العقائد الأساسية الكبرى والتي منها عقيدة التثليث,
    ولهذا خلد التاريخ المسيحي شخصيتهوالعالم بعده، ولكن كمسلمين فنأسف لموقفه هذا إذ كنا نطمع أن تهدم عقيدة التثليث نحو التوحيد، ويا حبذا لو كانت من الجزائري القديس أوغسطين. شكرا جزيلا على هذا الموضوع,

    ردحذف
  2. الاستاذ عطار احمد السلام عليكم دوما اشكركم استاذي على هذه السلسلة لكن اريد ان اعقب على اغسطين وقضية خلافه مع الدوناتيين الامازيغ خاصة مع اتهامهم له برومنة البربر بل وعمالته لروما وحاول القديس دونا تقديم مسيحية امازيغية مقابل المسحية الرومانية الرسميةالاجنبية تماما كما عودنا الامازيغ باسمه الذي يدل امازيغ الحر او المتمرد فهم تمردوا على الدين الرسمي للغزاة رغم قبوله كدين لهم بدل وثنثيتهم تماما كما سيختار الامازيغ التشيع والخوارج (الاباضية) كاول امارة تخرج عن الدولة الاموية والعباسية التي كان دينها الرسمي هو المذهب السني نعود الى اوغسطين ودونا وقضية تبيئة الديانة الامازيغية وجعلها وطنية متمردة عن الدين الرسمي للدولة الغازية ولو ان الباحث الفرنسي روني باصي، أبحاث في دين الأمازيغ، ترجمة وتقديم حمو بوشخار، دفاتر وجهة نظر 23، المغرب، الرباط، 2004، يعتبرهذا الباحث الصراع بين دونا واوغسطين مجرد صراع بين اصحاب المدينة المتحررين (اوغسطين) واصحاب الريف الامازيغي (الثورة الدوناتية)

    ردحذف