الاثنين، 25 مارس 2013

كتاب الإسلام وترشيد العنف

صدر بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف كتابا جماعيا حول الإسلام في مواجهة العنف، وقد شاركت فيه بدراسة وسمتها ب " العنف والعنف المضاد وإشكالية البدائل الإنسانية" 

إن ما يميز الألفية الثالثة على المستوى النظري ظهور مقولات الصدام الحضاري كبنيُات أساسية لفهم حركية التاريخ، ثم إعطاء الشرعية لممارسة العنف والإرهاب على المستوى العملي،  عندئذ يصبح العالم قد عوُلم الخطر.
       إن نظريات الصدام  في حقيقة الأمر مجرد محاولة  لتطويع مقولتي الصراع الهيجلية والماركسية فيما بعد. فالصراع من حيث الجوهر صدام تعاقبي، فإذا كان هيجل يؤمن بأن الصراع محاولة فك التعارض بين الأفكار المتناقضة عن طريق التركيب ( وصول إلى فكرة متعالية وحيدة)،  فإن الصدام هو محاولة فك التنافر بين الحضارات عن طريق القوة والتكنولوجيا . والفرق بين الوضعين أن الصراع الهيجلي مبني على اللوغس والفكرة المتعالية،  بمعنى أنه صراع فكري محض لكنه يتخذ  العنف المادي ( الحرب) كنهاية حتمية للصراع آخر الأمر. أما مقولات الصدام كما يقدمها صموئيل تتجه نحو تغليب الحرب ( العنف ) من منطلق أن هوية الحضارات المعاصرة هوية عنف وتطرف.    
      وبالتالي فالعنف من حيث الماهية في الفلسفة الأفلاطونية على الخصوص، نزوع القوة الغضبية نحو نزع الاعتراف بالتفوق من الأخر( النقيض) عن طريق العنف والقهر. ويتخذ العنف عندئذ طابع الشرعية من منطلق القوة وإرادة التّفوق. وبالتالي تصبح ممارسة العنف  شكل من أشكال العمل البطولي الذي يعتقد فيه صاحبه المجد وتحقيق سعادة شهوة السيطرة،  وقد يتطرف المُتسلط إلى حد الاعتقاد أن الرب كلفه بتلك المهمة المقدسة ( تطهير الأرض من الأشرار).*
        وفي المقابل نجد كل عنف  يُنتج  في المقابل عنفا مضادا،  يهدف إلى نزع الاعتراف من الأخر بالتكافؤ والندية، وتصبح الطبقة المقهورة سياسيا واجتماعيا هي الأكثر ممارسة له، وكذا الشعوب  التي تعيش على هامش التاريخ والحضارة .
ومن خلال حركة العنف والعنف المضاد تنشأ حركة التاريخ،  فيصبح الأول في عرف الفئة الثانية قمعا واضطهادا ويُنعت عنف الثانية على أنه إرهاب وتمرد. ومن حيث المبدأ الأكسيومي المتعالي  الأول مشروعا لارتباطه بمحور الخير،  والثاني غير مشروع لارتباطه بمحور الشر. بينما  يقر المبدأ الأكسيومي  المستضعف أن الأول شر لارتباطه بالقهر والطغيان والثاني خير لارتباطه بالحرية والعدالة .
  ومن خلال ما سبق : هل الصدام الحضاري  ( المُفترض)  في جوهره يقوم على  حركة العنف والعنف المضاد؟



* -  زعم بوش ( الابن) أن الرب أمره بغزو العراق و أفغانستان من اجل دحض محو ر الشر. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق