بقلم صالح القلاب
هناك مؤشرات كثيرة، تدعمها حقائق فعلية، تدل على أن إيران باتت تعيش سلسلة من الأزمات الطاحنة؛ أولها الصراع المحتدم بين أجنحة النظام مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التي من المفترض أن تُجرى في نهايات مايو (أيار) المقبل، والتي سيخوض غمار معركتها المتشددون المحيطون بالولي الفقيه علي خامنئي، و"المعتدلون" الذين يمثلهم حسن روحاني بدعم من محمد خاتمي وأيضًا من هاشمي رفسنجاني وحسين موسوي وغيرهم.
إن هذه هي الأزمة الأولى، أما الأزمة الثانية الطاحنة فعلاً فهي أنَّ هذا النظام المصاب بكل عقد التاريخ القريب والبعيد قد استغل التخاذل الأميركي في عهد هذه الإدارة البائسة فعلاً، وبادر إلى احتلال دولتين عربيتين هما سوريا والعراق، وهذا بالإضافة إلى التدخل في الشؤون الداخلية لليمن ولبنان ومملكة البحرين، مما أوصل إيران إلى أزمة اقتصادية حقيقية يبدو أنه لا شفاء منها على المدى القريب، وذلك في حين أنَّ حتى العرب الشيعة في بلاد الرافدين باتوا ينظرون إليها بوصفها دولة توسعية باغية لم تأتِ إليهم وإلى بلدهم إلا بالفقر والفساد والتناحرات الدموية والأزمات الداخلية التي دخلت مرحلة الانفجار.
ثم ولأنَّ التمدد "الاحتلالي" في هذه المنطقة بات يشكل عبئًا ثقيلاً على إيران فقد أصبحت تواجه مأزقًا فعليًا في ظل ارتخاء قبضة المرشد العام - الولي الفقيه، وفي ظل احتدام الصراعات الداخلية بين أركان الحكم ورموزه، مما جعل طهران تحت ضغط هواجسها الكثيرة تلجأ إلى سلاح الإعدامات الذي كانت لجأت إليه بعد انتصار ثورة فبراير (شباط) 1979 بنحو عام، عندما نَصبتْ أعواد المشانق، وقامت بحملات الإعدام الشهيرة التي تمت ضد الأكراد في كرمنشاه.
إنَّ إعدام العالم النووي الإيراني (الكردي) شهرام أميري مثله مثل إعدام عشرين كرديًا من بينهم أطباء ورجال دين من الطائفة السنية قد جاء وبهذه السرعة لقطع الطريق على استئناف الثورة المسلحة، إنْ في المناطق الكردية في كرمنشاه وإيلام ومهاباد، وإنْ في المناطق العربية في الأحواز وعربستان، وإنْ في بلوشستان على الحدود الإيرانية - الباكستانية، وحقيقة فإن مثل هذا كان قد حصل في عامي 1980 و1983 وقبل ذلك بكثير، أي في عام 1878 في عهد الدولة القاجارية، عندما تم إعدام الشيخ عبد الله النقشبندي ومعه نحو عشرة آلاف من أبناء شعبه الكردي، ولاحقًا عندما تم إعدام قاضي محمد رئيس دولة مهاباد الشهيرة في عام 1946، ومعه نحو ألفٍ ومائتين من الذين شاركوا في إقامة تلك الدولة القصيرة العمر.
وهكذا واستنادًا إلى مسيرة أصبح عمرها الآن أكثر من سبعة وثلاثين عامًا، فإن إشهار نظام الولي الفقيه لسلاح الإعدامات الكيفية السريعة، يعني أن هناك ثورة مسلحة قادمة على الطريق لا محالة، وهنا وللتذكير فإن هذا كان قد حصل وبأرقام فلكية وصلت إلى مئات الألوف عندما اضطر «مجاهدين خلق» بقيادة الرمز الإيراني التاريخي المقاوم مسعود رجوي إلى حمل السلاح بعد انقلاب الخميني عليهم، ورَفْضِ مطالبهم التي تمثلت، بعد انتصار ثورة فبراير (شباط) عام 1979، في الديمقراطية والدولة المدنية والاحتكام للانتخابات في كل شيء، وإعطاء الأقليات حقوقها التي تصل إلى الحكم الذاتي وأكثر.
كان هذا الحزب الديمقراطي الكردستاني - الإيراني الذي استأنف القتال مؤخرًا، بعد توقف دام لنحو سبعة وعشرين عامًا، قد أعلن وقف إطلاق النار في عام 1989، وانتقل زعيمه عبد الرحمن قاسملو إلى فيينا على رأس وفدٍ قيادي لملاقاة وفدٍ رسمي من طهران، للتفاوض لحل مشكلة الأكراد الإيرانيين، الذين يقال: إن عددهم قد تجاوز الاثني عشر مليونًا، في حين أن هناك من يقول: إن الرقم الفعلي يدور حول الملايين السبعة، وعلى أساس الحكم الذاتي الحقيقي في إطار دولة فيدرالية ديمقراطية مدنية وتعددية، الاحتكام فيها لصناديق الاقتراع والانتخابات الحرة.
لكن ما إن وصل هذا الوفد «المفاوض» الذي أرسلته طهران إلى العاصمة النمساوية حتى تحول إلى مجموعة من القتلة، وقام باغتيال هذا الرمز الكردي الكبير، عبد الرحمن قاسملو، في الثالث عشر من يوليو (تموز) عام 1989، ومعه اثنان من رفاقه، وحيث ساد اعتقاد في ذلك الوقت، وبقي سائدًا حتى الآن، أن الذي اتخذ هذا القرار، وأيضًا قرار اغتيال قائد الحزب الديمقراطي الكردستاني - الإيراني الجديد صادق شرفكندي الذي كان قد جاء بدوره إلى برلين في سبتمبر (أيلول) من هذا العام نفسه للتفاوض ومعه ثلاثة من مساعديه كان مصيرهم مثل مصيره، هو هاشمي رفسنجاني، ومعه الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.
وهذا يدل على أن هذا النظام الإيراني، الذي هو من أحبط اتفاقًا واعدًا كان قد أبرمه أكراد العراق مع الحكومة العراقية في عهد حكم حزب البعث، لا يمكن أنْ يقبل بأي صيغة تعطي للأقليات القومية في إيران حق الحكم الذاتي ولو في حدوده الدنيا، وتعطي للإيرانيين، بدل هذه الدولة الاستبدادية التي يحكمها رجل واحد هو الولي الفقيه، الحق في أن تكون دولتهم جمهورية - مدنية، وأن يكون نظامهم ديمقراطيًا، وأن تكون مرجعيتهم إلى هذا كله صناديق الاقتراع، مما يعني أنَّ الشرارة التي أطلقها حزب العمال الديمقراطي الكردستاني - الإيراني، واستأنف في إطلاقها «الكفاح المسلح»، لنيل حقوق شعبه بعد توقف استمر منذ عام 1989، سوف يشمل وقريبًا الأقليات القومية في إيران بمعظمها إنْ ليس كلها، ومن بينها عرب الأحواز الذين اضطروا إلى حمل السلاح مؤخرًا بعد معاناة طويلة، والبلوش والأذاريون، وكثير من المجموعات الأخرى الصغيرة.
لقد حاول نظام الملالي الاستبدادي والمتخلف بترحيل هذه الأزمة المتفاقمة، أزمة الأقليات القومية المطالبة بحقوقها المشروعة، إلى الخارج، عندما بادر إلى غزو العراق واحتلاله، وعندما ذهب بعيدًا، وبادر إلى هذا التدخل الاحتلالي السافر في الشؤون الداخلية السورية واليمنية وأيضًا اللبنانية والبحرينية، وكل هذا بالإضافة إلى نزعته التوسعية التي تستند إلى ادعاء مزعوم يعتبر أن من حق إيران، التي أصبحت دولة إقليمية رئيسية، أن تتمدد في هذه المنطقة التي هي منطقة عربية، وأن تستعيد ما تعتبره أمجاد فارس القديمة!!
ويبقى أنه لا بد من القول للذين يتساءلون عمّا إذا كان «مجاهدين خلق» سيستمرون بأسلوب معارضتهم السِّلمية الحالي، بعدما تلقوا تلك الضربة القاصمة بعد الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، واحتلال نظام الملالي بلاد الرافدين؛ إنَّ مؤتمر باريس الأخير الذي انعقد بحضور شعبي إيراني غير مسبوق، وبحضور عربي ودولي مميز، بالإمكان اعتباره خطوة فعلية على طريق العودة إلى العمل العسكري، مما يعني أنَّ المقاومة الإيرانية سوف تستأنف القتال بمجرد استكمال ترتيب أوضاعها وإقامة التحالفات المطلوبة والضرورية جدًا لهذه الانتقالة القريبة المتوقعة.
هناك مؤشرات كثيرة، تدعمها حقائق فعلية، تدل على أن إيران باتت تعيش سلسلة من الأزمات الطاحنة؛ أولها الصراع المحتدم بين أجنحة النظام مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التي من المفترض أن تُجرى في نهايات مايو (أيار) المقبل، والتي سيخوض غمار معركتها المتشددون المحيطون بالولي الفقيه علي خامنئي، و"المعتدلون" الذين يمثلهم حسن روحاني بدعم من محمد خاتمي وأيضًا من هاشمي رفسنجاني وحسين موسوي وغيرهم.
إن هذه هي الأزمة الأولى، أما الأزمة الثانية الطاحنة فعلاً فهي أنَّ هذا النظام المصاب بكل عقد التاريخ القريب والبعيد قد استغل التخاذل الأميركي في عهد هذه الإدارة البائسة فعلاً، وبادر إلى احتلال دولتين عربيتين هما سوريا والعراق، وهذا بالإضافة إلى التدخل في الشؤون الداخلية لليمن ولبنان ومملكة البحرين، مما أوصل إيران إلى أزمة اقتصادية حقيقية يبدو أنه لا شفاء منها على المدى القريب، وذلك في حين أنَّ حتى العرب الشيعة في بلاد الرافدين باتوا ينظرون إليها بوصفها دولة توسعية باغية لم تأتِ إليهم وإلى بلدهم إلا بالفقر والفساد والتناحرات الدموية والأزمات الداخلية التي دخلت مرحلة الانفجار.
ثم ولأنَّ التمدد "الاحتلالي" في هذه المنطقة بات يشكل عبئًا ثقيلاً على إيران فقد أصبحت تواجه مأزقًا فعليًا في ظل ارتخاء قبضة المرشد العام - الولي الفقيه، وفي ظل احتدام الصراعات الداخلية بين أركان الحكم ورموزه، مما جعل طهران تحت ضغط هواجسها الكثيرة تلجأ إلى سلاح الإعدامات الذي كانت لجأت إليه بعد انتصار ثورة فبراير (شباط) 1979 بنحو عام، عندما نَصبتْ أعواد المشانق، وقامت بحملات الإعدام الشهيرة التي تمت ضد الأكراد في كرمنشاه.
إنَّ إعدام العالم النووي الإيراني (الكردي) شهرام أميري مثله مثل إعدام عشرين كرديًا من بينهم أطباء ورجال دين من الطائفة السنية قد جاء وبهذه السرعة لقطع الطريق على استئناف الثورة المسلحة، إنْ في المناطق الكردية في كرمنشاه وإيلام ومهاباد، وإنْ في المناطق العربية في الأحواز وعربستان، وإنْ في بلوشستان على الحدود الإيرانية - الباكستانية، وحقيقة فإن مثل هذا كان قد حصل في عامي 1980 و1983 وقبل ذلك بكثير، أي في عام 1878 في عهد الدولة القاجارية، عندما تم إعدام الشيخ عبد الله النقشبندي ومعه نحو عشرة آلاف من أبناء شعبه الكردي، ولاحقًا عندما تم إعدام قاضي محمد رئيس دولة مهاباد الشهيرة في عام 1946، ومعه نحو ألفٍ ومائتين من الذين شاركوا في إقامة تلك الدولة القصيرة العمر.
وهكذا واستنادًا إلى مسيرة أصبح عمرها الآن أكثر من سبعة وثلاثين عامًا، فإن إشهار نظام الولي الفقيه لسلاح الإعدامات الكيفية السريعة، يعني أن هناك ثورة مسلحة قادمة على الطريق لا محالة، وهنا وللتذكير فإن هذا كان قد حصل وبأرقام فلكية وصلت إلى مئات الألوف عندما اضطر «مجاهدين خلق» بقيادة الرمز الإيراني التاريخي المقاوم مسعود رجوي إلى حمل السلاح بعد انقلاب الخميني عليهم، ورَفْضِ مطالبهم التي تمثلت، بعد انتصار ثورة فبراير (شباط) عام 1979، في الديمقراطية والدولة المدنية والاحتكام للانتخابات في كل شيء، وإعطاء الأقليات حقوقها التي تصل إلى الحكم الذاتي وأكثر.
كان هذا الحزب الديمقراطي الكردستاني - الإيراني الذي استأنف القتال مؤخرًا، بعد توقف دام لنحو سبعة وعشرين عامًا، قد أعلن وقف إطلاق النار في عام 1989، وانتقل زعيمه عبد الرحمن قاسملو إلى فيينا على رأس وفدٍ قيادي لملاقاة وفدٍ رسمي من طهران، للتفاوض لحل مشكلة الأكراد الإيرانيين، الذين يقال: إن عددهم قد تجاوز الاثني عشر مليونًا، في حين أن هناك من يقول: إن الرقم الفعلي يدور حول الملايين السبعة، وعلى أساس الحكم الذاتي الحقيقي في إطار دولة فيدرالية ديمقراطية مدنية وتعددية، الاحتكام فيها لصناديق الاقتراع والانتخابات الحرة.
لكن ما إن وصل هذا الوفد «المفاوض» الذي أرسلته طهران إلى العاصمة النمساوية حتى تحول إلى مجموعة من القتلة، وقام باغتيال هذا الرمز الكردي الكبير، عبد الرحمن قاسملو، في الثالث عشر من يوليو (تموز) عام 1989، ومعه اثنان من رفاقه، وحيث ساد اعتقاد في ذلك الوقت، وبقي سائدًا حتى الآن، أن الذي اتخذ هذا القرار، وأيضًا قرار اغتيال قائد الحزب الديمقراطي الكردستاني - الإيراني الجديد صادق شرفكندي الذي كان قد جاء بدوره إلى برلين في سبتمبر (أيلول) من هذا العام نفسه للتفاوض ومعه ثلاثة من مساعديه كان مصيرهم مثل مصيره، هو هاشمي رفسنجاني، ومعه الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.
وهذا يدل على أن هذا النظام الإيراني، الذي هو من أحبط اتفاقًا واعدًا كان قد أبرمه أكراد العراق مع الحكومة العراقية في عهد حكم حزب البعث، لا يمكن أنْ يقبل بأي صيغة تعطي للأقليات القومية في إيران حق الحكم الذاتي ولو في حدوده الدنيا، وتعطي للإيرانيين، بدل هذه الدولة الاستبدادية التي يحكمها رجل واحد هو الولي الفقيه، الحق في أن تكون دولتهم جمهورية - مدنية، وأن يكون نظامهم ديمقراطيًا، وأن تكون مرجعيتهم إلى هذا كله صناديق الاقتراع، مما يعني أنَّ الشرارة التي أطلقها حزب العمال الديمقراطي الكردستاني - الإيراني، واستأنف في إطلاقها «الكفاح المسلح»، لنيل حقوق شعبه بعد توقف استمر منذ عام 1989، سوف يشمل وقريبًا الأقليات القومية في إيران بمعظمها إنْ ليس كلها، ومن بينها عرب الأحواز الذين اضطروا إلى حمل السلاح مؤخرًا بعد معاناة طويلة، والبلوش والأذاريون، وكثير من المجموعات الأخرى الصغيرة.
لقد حاول نظام الملالي الاستبدادي والمتخلف بترحيل هذه الأزمة المتفاقمة، أزمة الأقليات القومية المطالبة بحقوقها المشروعة، إلى الخارج، عندما بادر إلى غزو العراق واحتلاله، وعندما ذهب بعيدًا، وبادر إلى هذا التدخل الاحتلالي السافر في الشؤون الداخلية السورية واليمنية وأيضًا اللبنانية والبحرينية، وكل هذا بالإضافة إلى نزعته التوسعية التي تستند إلى ادعاء مزعوم يعتبر أن من حق إيران، التي أصبحت دولة إقليمية رئيسية، أن تتمدد في هذه المنطقة التي هي منطقة عربية، وأن تستعيد ما تعتبره أمجاد فارس القديمة!!
ويبقى أنه لا بد من القول للذين يتساءلون عمّا إذا كان «مجاهدين خلق» سيستمرون بأسلوب معارضتهم السِّلمية الحالي، بعدما تلقوا تلك الضربة القاصمة بعد الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، واحتلال نظام الملالي بلاد الرافدين؛ إنَّ مؤتمر باريس الأخير الذي انعقد بحضور شعبي إيراني غير مسبوق، وبحضور عربي ودولي مميز، بالإمكان اعتباره خطوة فعلية على طريق العودة إلى العمل العسكري، مما يعني أنَّ المقاومة الإيرانية سوف تستأنف القتال بمجرد استكمال ترتيب أوضاعها وإقامة التحالفات المطلوبة والضرورية جدًا لهذه الانتقالة القريبة المتوقعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق