سان أوغستينوس Augustinus [354 م/430 م ]
ولد فيلسوف بونه
وأسقف كنيسة هيبون سنة 354 م
بمدينة تاحبيسة (سوق أهراس حاليا)،تقع جنوب مدينة عنابة (بونة).
لم تكن الأسرة منسجمة عقائديا، فالأب يدين بالوثنية عقيدة
الأجداد بينما الأم تعتنق المسيحية التي بدأت تكتسح الشمال الإفريقي.
إن الاختلاف
الديني أثر على مسار أوغستين، فتقلب من مذهب إلى آخر في شبابه.
تلقى علومه الأولى
بمدينة مدار واش وقرطاجة، ثم ارتحل إلى إيطاليا أين تعمق في العلوم الرياضية
والنظرية، واعتنق المانوية منتقدا الدِّيانات والعقائد الجديدة بما فيها المسيحية،
ثم انساق وراء مذهب الشكاك رافضا كل مذهب وفكرة،وبعدها حدث له نوع من الاتزان
الفكري.
وعند انتقاله إلى
مدينة روما احتك بأفكار شيشرون خاصة مؤلفاته السياسية – الجمهورية والفضيلة- . و
في روما تمكن من دراسة الأفلاطونية الجديدة التي بدأت تفرض نفسها كمذهب فلسفي جديد
يزاوج بين الطرح الأفلاطوني والمسيحية، ويتجلى في أعمال أفلوطين الإسكندري.
وفي عام 388 م عاد إلى الجزائر و أعلن
اعتناقه للمسيحية فكرا وسلوكا،وعُيّن أسقفا لكنيسة هيبون بعنابة سنة 391 م. أعجب بكتابات لوكيوس
أبوليوس النوميدي خاصة كتابه (الدفاع).
ونتيجة اتساع
الاختلاف بين المتنصرين والوثنين عمد أوغستين إلى تأليف العديد من الكتابات
أشهرها:
-
اعترافاتي Les confessions.
-
مدينة
الإله Cité de Dieu.
-
الحياة
السعيدة.
-
الرد على
قوداسيوس.
تعرض في جل
كتبه إلى المسائل التَّالية:
-
القضاء
والقدر وإشكالية التسيير والتخيير.
-
المسؤولية.
-
المدينة
الإلهية والبشرية.
-
العناية
الإلهية.
امتاز أوغستين
بالخطابة وقوة التأثير في المستمع، كما كان شجاعا ومقداما جعل من مدينة عنابة قبلة
للطلاب ومقاما للحكمة والفلسفة .
استشهد دفاعا عن الجزائر ضد الاجتياح الوندالي
في 29 أوت 430 م، عن عمر يناهز 76 حولا.
الوقت
"..
لقد سمعت أحدهم يقول لحكيم أن الوقت سوى حركة الشمس والقمر و الكواكب ، فما
استحسنت كلامه .
وإن كان
الأمر فلما لا يكون الوقت حركة الأجرام كلها ؟؟ فلو أن كواكب السماء انقطعت عن
المسير وظل دولاب خزان يدور فكيف إن صح زعمهم – نستطيع أن نقيس دوراته ونثبت أنها
متساوية البعد أو التتابع ؟؟ تارة تسير ببطأ وطورا بسرعة ، أم كيف نعرف أن بعضها
أطول من البعض الآخر ؟ وحين نشير إلى هذه الأمور ففي الزمن نشير إليها ، ألا نجد
في هذه الألفاظ مقاطع طويلة وقصيرة ، لأن هذه تتجاوب في مدى وقت أقصر و العكس
بالعكس؟ اللهم هب الناس أن يعرفوا ولو قليلا مما هو خاص بالأشياء الصغيرة و
الكبيرة.
نجد في السماء علامات من كواكب ومشاعل سماوية تدل على
الفصول و الأيام والسنين ، وهذا أمر لاشك فيه ، وأنا لا أدعي البتة أن الدورة التي
يتمها الدولاب الخشبي تعني اليوم ، كما أن حكيمنا يتيه في الضلال إن أنكر وجود الزمن في هذه الدورة
." الاعترافات :ص 256/257.
النصوص الموالية
من معجم المؤلفات السياسية لفرنسوا شاتليه وآخرين.
ما الشعب ؟
" ..إنّه تجمع عدد كبير من الكائنات
العاقلة ،المتحدة من خلال مشاركتها المنسجمة في ما تحب. ..فمن أجل رؤية ما يكون
عليه كل شعب ،يجب النظر لموضوع حبه.
.... أفضل (الشعب) بمقدار ما يتفاهم حول
أشياء أفضل ، وممقوتا أكثر بمقدار ما يتفاهم حول أمور ممقوتة أكثر" ص ،114.
السّلام في المدينة
" ..إن سلام المدينة هو الوفاق الجيد
و التنظيم بين المواطنين في الحكم والطاعة...
.. [ إن الطاغية] يكره سلام الرب العادل
ويحب سلامه الخاص الظالم ، لكنه لا يستطيع بأي طريقة أن لا يحب السلام،لأنّه ليس
هناك لدى أي شخص مثل هذا العيب المضاد للطبيعة، والذي يهدم حتى الآثار الأخيرة
للطبيعة ." ص،115.
المدينة والحب
" ..لقد صنع حُبَّان مدينتين: فحبّ
الذات لحد احتقار الله صنع المدينة الأرضية. وحب الله لحد احتقار الذات صنع
المدينة السماوية ،الأولى تتمجد في ذاتها، والأخرى في الرب...
الأولى تسيطر عليها في رؤسائها أو في
الأمم التي تخضعها، شهوة السيطرة، وفي الأخرى يقدم الناس لبعضهم بعضا بشكل متبادل
الخدمة بدافع الإحسان ، الرؤساء بقيادتهم والرعايا بطاعتهم.
.... إننا ندعوهما ،في اللغة المجازية
مدينتين أيضا ،أي مجتمعي رجال، الأول مهيأ مسبقا لأن يسود أبديا مع الإله، والآخر
لأن يتلقى عذابا أبديا مع الشيطان. "
ص،115.