نشر في القادسية الجزائرية العدد 48 الصادر في20/12/2008
إن هذه القصة لم تؤرخ لمن بال في ماء زمزم، ولكن أرخت للمتوكل، لأننا لحد الساعة لا نعرف اسم من بال على ماء زمزم ولكننا نعرف المتوكل.
وقصة حذاء الصحفي منتظر الزيدي مع المعتوه بوش، تتقاطع في جزء بسيط مع تلك القصة السابقة، فرمى الحذاء كالبول في زمزم من حيث القيمة الأخلاقية، غير أن منتظر الزيدي دخل التاريخ منا بابه العريض، لكونه أول عربي تجرأ وضرب بوش بفردتي حذائه... والفعل يحمل رمزية القدح والإهانة، فرمي الحذاء في وجه الرجل في الثقافة العربية يحمل من الدلالات ما يتسع المقام لذكرها في هذا المقال.. إن العربي تضربه بالسيف ولا ترميه بالحذاء.. فضربة السيف تحمل رمزية الشرف أما رمية الحذاء فدونها الموت ولا العار. إن رمية الحذاء في وجه الرجل تماثل رمية المنديل في وجه الرجل الغربي في عصر الفرسان.
إن بوش رمي بأطنان من القنابل على رؤوس العراقيين، فقتل الآلاف ، لكن العالم لم يتعامل إعلاميا مثلما تعامل مع فردتي الحذاء. إن الحذاء أدخل سندريلا إلى تاريخ الروايات العالمية، ففردة الحذاء أسكنتها القصور بعد الثغور، وجعلتها سعيدة هنية، لطيبة قلبها وحبها الآخر ، أما فردة منتظر الزيدي فأدخلت بوش تاريخ الأحذية لكن برمزية الشرير والشيطان والنذل والجبان ، فهنيئا لبوش بهدية الوداع وياله من وداع...؟؟؟؟
إن العربي الغيور لم يجد ما يُعبر به عن واقعه المعكوس إلا لغة الأحذية، فهو قبل أن يرميها على وجه بوش كان يقذفها في وجه كل رئيس عربي خائن أو خائر، لأن بوش استعمل لغة الحذاء فهو يدوس بحذائه على هامات ودبر زعماء العالم، فلنجعل شعارنا بعد عشرية انتفاضة الحجارة ( انتفاضة الأحذية).. ولنرمي وجوه الطغاة في كل مكان لعل وعسى أن يعيد الحذاء صُنع التاريخ بعد أن فشل الرصاص وقلم الرصاص.
أ.د عبد القادر بوعرفة
الدخول إلى التاريخ لا يحتاج في كثير من الأحيان عملا بطوليا مجيدا كما هو الحال لهنبيل أو عنترة أو خالد بن الوليد، ولا يتطلب في بعض الأحيان جهدا فكريا كما نلمسه في شخصية أفلاطون وابن رشد وهيجل، لأنه ثبت في كثير من الأحيان أن الإنسان قد يدخل التاريخ بعمل هامشي لا قيمة له. والمثال على ذلك أن رجلا في عهد المتوكل قام بفعلة نكراء أثناء الحج، تمثلت في بوله في عين ماء زمزم، فألقت القبض عليه الشرطة العباسية، وساقته إلى المتوكل الذي كان في ذلك الحول حاجا، فقال للرجل: ويحك ما دفعك أن تدنس ماء زمزم المبارك ؟؟؟ فقال له الرجل: يا أمير المؤمنين، حفظك الله ورفع مقامك، إنما أردت بذلك أن أُذكر أمد الأمدين، فليس في الدنيا ما أُذكر به، وعلمت من تجارب الناس أن منكرات الفعل لا تُنسى، ففعلت تلك النقيصة وإني أعلم أن الناس ستذكرها حتى تقوم الساعة. فضحك المتوكل: وقال أجلدوه حتى يقال: أن المتوكل جلد من بال في ماء زمزم.
إن هذه القصة لم تؤرخ لمن بال في ماء زمزم، ولكن أرخت للمتوكل، لأننا لحد الساعة لا نعرف اسم من بال على ماء زمزم ولكننا نعرف المتوكل.
وقصة حذاء الصحفي منتظر الزيدي مع المعتوه بوش، تتقاطع في جزء بسيط مع تلك القصة السابقة، فرمى الحذاء كالبول في زمزم من حيث القيمة الأخلاقية، غير أن منتظر الزيدي دخل التاريخ منا بابه العريض، لكونه أول عربي تجرأ وضرب بوش بفردتي حذائه... والفعل يحمل رمزية القدح والإهانة، فرمي الحذاء في وجه الرجل في الثقافة العربية يحمل من الدلالات ما يتسع المقام لذكرها في هذا المقال.. إن العربي تضربه بالسيف ولا ترميه بالحذاء.. فضربة السيف تحمل رمزية الشرف أما رمية الحذاء فدونها الموت ولا العار. إن رمية الحذاء في وجه الرجل تماثل رمية المنديل في وجه الرجل الغربي في عصر الفرسان.
إن بوش رمي بأطنان من القنابل على رؤوس العراقيين، فقتل الآلاف ، لكن العالم لم يتعامل إعلاميا مثلما تعامل مع فردتي الحذاء. إن الحذاء أدخل سندريلا إلى تاريخ الروايات العالمية، ففردة الحذاء أسكنتها القصور بعد الثغور، وجعلتها سعيدة هنية، لطيبة قلبها وحبها الآخر ، أما فردة منتظر الزيدي فأدخلت بوش تاريخ الأحذية لكن برمزية الشرير والشيطان والنذل والجبان ، فهنيئا لبوش بهدية الوداع وياله من وداع...؟؟؟؟
إن العربي الغيور لم يجد ما يُعبر به عن واقعه المعكوس إلا لغة الأحذية، فهو قبل أن يرميها على وجه بوش كان يقذفها في وجه كل رئيس عربي خائن أو خائر، لأن بوش استعمل لغة الحذاء فهو يدوس بحذائه على هامات ودبر زعماء العالم، فلنجعل شعارنا بعد عشرية انتفاضة الحجارة ( انتفاضة الأحذية).. ولنرمي وجوه الطغاة في كل مكان لعل وعسى أن يعيد الحذاء صُنع التاريخ بعد أن فشل الرصاص وقلم الرصاص.