عملية شارلي
" الخلفيات والارتدادات"
أ.د عبد القادر
بوعرفة
تبدو عملية شارلي من اللحظة الأولى
من تنفيذ المتطرفين الإسلاموين (بين قوسين)، وخاصة فرع القاعدة. بيد أن التجارب
علمتنا بأن الحدث التاريخي له ظاهر وباطن، فالظاهر معلوم بالخبر والمشاهدة، أما
الباطن فمعلوم بالتفسير والتعليل، فنحن لا نتهرب من تحمل المسؤولية التاريخية
لتبعات العملية، إذ يبدو أن دافع الانتقام واضح وبين، كما أن نية نصرة النبي جلية
وحاضرة، وخاصة أن الجريدة الساخرة مست المسلمين في أعز شخص يكنون له الحب والمودة.
وبالرغم من ذلك أسجل الملاحظات الأتية:
1-
كيف نفسر التباين بين السيارة المصورة أثناء العملية
والسيارة المحجوزة لدي الشرطة، فالأولى تبدو المرايا بيضاء اللون في حين تبدو في
الثانية سوداء.؟
2-
كيف نفسر وجود بطاقة الهوية لأحد الأخوين ...؟؟؟ علما أن
العملية تبدو محكمة بل متقنة إلى حد كبير.
3-
كيف نفسر فردة الحذاء الرياضي علما أنها من النوع الذي
يفرض الإحكام والشّد؟
4-
كيف نفسر عدم حرص الشرطة القبض عليهما أحياءً دون اللجوء
إلى قتلهما كما فعلوا مع مراح؟
أعتقد شخصيا من خلال
قراءة الأحداث أن العملية فعلا من تنفيذ الأخوين كواشي، وأن دافعهما ديني جاء كرد
على عنجهية الصحيفة التي لم تراعي شعور المسلمين، ولم تلتزم بأخلاقيات المهنة،
وتخطت حدود حرية التعبير التي تكفلها الديمقراطية روحا وقانونا. ومن ناحية أخرى
مشاركة فرنسا في التحالف الدولي ضد داعش.
تُصنف العملية في أبجديات الجهادين ضمن
خانة ما قام به محمد بن مسلمة، حين اغتال الشاعر كعب بن الأشرف، والذي أهدر الرسول دمه نظرا
لأشعاره المسيئة للرسول ولسخريته الفظة وتشببه بنساء المسلمين.
لكنني أعتقد دائما بأن الجماعات المارقة
مخترقة في أغلب الأحيان من قبل المخابرات، فالعقل المدبر يقبع خلف الستار، وتحركه
المخابرات، وأعتقد بأن المخابرات الإسرائيلية هي أكبر مستفيد من العملية لأسباب
الأتية:
1-
اعتراف البرلمان الفرنسي بدولة فلسطين أحرج الصهاينة
إحراجا كبيرا، وهم يعلمون بأن عتبة الاعتراف الشكلي بدولة فلسطين هي مسيرة نحو
الاعتراف الرسمي بشكل تدريجي.
2-
وجود تحول تاريخي في ذهنية المجتمع المدني الأوروبي حول
القضية الفلسطينية، فالجرائم الصهيونية المرتكبة في الأراضي الفلسطينية بينت الوجه
القبيح لليهود، وساعد في ذلك الثورة المعلوماتية الرهيبة وتطور أشكال الاتصال.
3-
جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية في أوروبا لا يرى أي
ارتباط له مع المسألة اليهودية، فهو جيل لم يشارك في الحرب ولا يتحمل أي تبعات
تاريخية. ويعتقد أن اليهود ليس لهم ديَن عليه مثلما كان على أباءهم أو أجدادهم.
ستكون لعملية شارلي
ارتدادات خطيرة على الجالية الإسلامية في أوروبا وأمريكا، وستكون دور العبادة هي
الهدف الأول للمتطرفين اليمنين، ثم كل من يحمل شعار إسلامي ما، بل سيتحول العداء
إلى كل ما هو شرقي بالمفهوم الغربي.
جاءت العملية هدية من ذهب للأحزاب اليمنية، والتي ستجعل منها قضية لتمرير
خطابات العنصرية، وتدعو لطرد المهاجرين والمغتربين على السواء، سيعود شعار أوروبا
للأوربيين أقوى مما طُرح، وسيعيدون سيناريو " محمد خذ حقيبتك وأرحل"
.